تشريع "معاداة السامية".. تعريف جدلي واتهامات بانتهاك الدستور الأميركي

التشريع المحتمل يقيد انتقاد إسرائيل في أعقاب احتجاجات الجامعات على حرب غزة

time reading iconدقائق القراءة - 7
أعلام إسرائيلية على شكل نجمة داود قرب خيام الاحتجاج على حرب غزة بجامعة كولومبيا في نيويورك. 25 أبريل 2024 - AFP
أعلام إسرائيلية على شكل نجمة داود قرب خيام الاحتجاج على حرب غزة بجامعة كولومبيا في نيويورك. 25 أبريل 2024 - AFP
دبي -رينا سماوي

أقر مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، تشريعاً مثيراً للجدل بشأن معاداة السامية، يسهل تقديم شكاوى بشأن الحقوق المدنية، خصوصاً في ظل ما تشهده الجامعات الأميركية من احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، ورافضة لحرب إسرائيل على قطاع غزة.

وحظي التشريع، الذي يُعيد تعريف معاداة السامية الفيدرالي، ويضع قيوداً أكثر على انتقاد إسرائيل، باعتبار ذلك من معاداة السامية، بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ صوت لصالحه 187 نائباً جمهورياً و133 ديمقراطياً، في حين عارضه 21 نائباً جمهورياً و70 نائباً ديمقراطياً.

والتشريع الذي قدمه النائبان مايك لولر وجوش جوتهايمر، يأتي وسط احتجاجات تشهدها العشرات من الجامعات الأميركية، والتي تخللتها اعتقالات وتهديدات بالفصل، إذ ينادي الطلاب الذين يدافعون عن القضية الفلسطينية ويدعون لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، بإعادة نظر تلك الجامعات في تعاملاتها مع شركات إسرائيلية.

تعريف جدلي لمعاداة السامية

ويوجه مشروع قانون "التوعية بمعاداة السامية" وزارة التعليم الأميركية، لاستخدام التعريف الصادر عن التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة "الهولوكوست" عند تطبيق القوانين الفيدرالية لمكافحة التمييز.

وجاء في التعريف أن معاداة السامية هي "تصور معين لليهود يمكن التعبير عنه على أنه كراهية لليهود"، كما أن "المظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية موجهة نحو الأفراد اليهود أو غير اليهود أو ممتلكاتهم، وتجاه مؤسسات المجتمع اليهودي والمرافق الدينية".

ووفقاً للتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، فإن هذا التعريف يشمل أيضاً "استهداف دولة إسرائيل" التي يُنظر إليها على أنها "جماعة يهودية".

تفاصيل التشريع ورؤية مقدميه

ويُعيد التشريع الجديد، تعريف معاداة السامية الفيدرالي، ويضع قيوداً أكثر على انتقاد إسرائيل، باعتباره "معاداة للسامية"، إذ يعتبر مقارنة السياسات الإسرائيلية بالنظام النازي ضمن أمور أخرى واسعة وفضفاضة، وقد يستهدف مشروع القانون التمويل الفيدرالي الموجه إلى المؤسسات التعليمية التي تقع فيها تظاهرات مناهضة لإسرائيل.

وحال أقره مجلس الشيوخ وتمت المصادقة عليه من قبل الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً، فسيوسع مشروع القانون التعريف القانوني لمعاداة السامية ليشمل "استهداف دولة إسرائيل، التي يُنظر إليها على أنها تجمع يهودي"، في خطوة يقول النقاد إن لها "تأثير مروع على حرية التعبير في جميع أنحاء الحرم الجامعي".

وهذا قد يقود رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، لطرح مشروعات قوانين أخرى للتصويت، بما في ذلك مشروع إنشاء منصب منسق وطني لمعاداة السامية في البيت الأبيض، وفقاً لشبكة CBS News الأميركية.

وقدم النائبان الجمهوري مايك لولر، والديمقراطي جوش جوتهايمر، التشريع، الذي نال أغلبية 320 صوتاً، مقابل 91 صوتاً بمجلس النواب.

وقال لولر، عبر منصة "إكس": "من المهم أن نقوم باتخاذ إجراءات صارمة ضد الكراهية المعادية للسامية داخل بلدنا".

وأضاف: "أنا ممتن لدعم الحزبين لقانون التوعية بمعاداة السامية، ولدعم مجموعة واسعة من المنظمات اليهودية التي تقف وتدعم هذا التشريع وتقول لقد طفح الكيل".

وتابع: "مشروع القانون لا يجرم المسيحية، أنا كاثوليكي، إنه يعطي أمثلة معاصرة لمعاداة السامية المحتملة. إن وصف جميع اليهود بقتلة المسيح هو شكل من أشكال معاداة السامية. الإيمان بالإنجيل ليس كذلك".

بدوره، قال جوتهايمر: "تتحمل جميع جامعاتنا مسؤولية الحماية من الكراهية والتمييز. هناك فرق بين التعبير الذي يجب حمايته والمضايقة والعنف والترهيب، مثل التهديد بالقتل".

التشريع المحتمل والاحتجاجات

من الصعب فهم الفارق الدقيق وتاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بإيجاز، حسبما تعتبر شبكة CNN الأميركية، خاصة أثناء الاضطرابات المتصاعدة بين الجماعات التي تتبنى وجهات نظر راسخة ومتجذرة حول هذه القضية.

وأشارت إلى أن الطلاب داخل مخيمات الاعتصام الجامعية التي انتشرت في جميع أنحاء الولايات المتحدة، هم من خلفيات متنوعة، بما في ذلك الفلسطينيين والعرب واليهود والمسلمين، وينضم إليهم طلاب من خلفيات دينية وعرقية أخرى، لديهم مجموعة واسعة من وجهات النظر السياسية والاجتماعية.

لكن الدافع وراء تنظيمهم مخيمات الاحتجاج، كانت مقاطع الفيديو التي تنتشر بشأن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، إذ يرى العديد من هؤلاء الطلاب تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة باعتبارها "قمعاً مستمراً لحقوق الفلسطينيين وأرضهم منذ أكثر من 70 عاماً".

ومن جهة أخرى، ارتفعت معدلات معاداة السامية إلى مستويات قياسية منذ 7 أكتوبر الماضي، إذ يشعر العديد من اليهود أن إسرائيل بحاجة إلى دعم أكبر الآن أكثر من أي وقت مضى، باعتبارها ملجأ لليهود، الذين كانوا لفترة طويلة أقلية مضطهدة. 

وقد أبلغ مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية عن حوادث قياسية تتعلق بكراهية الإسلام في الحرم الجامعي، كما سجلت رابطة مكافحة التشهير عدداً من حوادث العنف والتهديدات ضد الطلاب اليهود. 

وحتى لو كانوا يعارضون سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتصرفات حكومته في غزة، يعتقد العديد من اليهود أن المشاعر المعادية لإسرائيل والمعادية للصهيونية وحتى الاحتجاج السلمي ضد إسرائيل، هي في حد ذاتها معاداة للسامية، استناداً إلى مفهوم "إسرائيل كوطن لليهود".

مؤيدون ومعارضون 

واحتدم النقاش في قاعة مجلس النواب الأميركي، إذ اُتهم بعض النواب من الحزبين بإهمال القيم الأميركية لصالح السياسة، وأشار بعض الديمقراطيين إلى أن العديد من الجماعات اليهودية الليبرالية تعارض مشروع القانون.

لكن العديد من النواب الجمهوريين أيدوا مشروع القانون، إذ اعتبر النائب ماركوس جيه مولينارو، أن إقامة مخيمات الاعتصام في الجامعات الأميركية "ليس تعبيراً بل تهديداً مباشراً للطلاب اليهود في الحرم الجامعي"، وهو خطاب كرره عدد من المسؤولين الأميركيين بينهم ديمقراطيون. 

بدورها، رفضت الجمهورية مارجوري تايلور جرين مشروع القانون، لأنه "يمكن أن يدين المسيحيين بمعاداة السامية"، فيما يقول منتقدو التشريع الجديد، بمن فيهم النائب جيري نادلر، إن مشروع القانون "فضفاض للغاية ومن شأنه أن يقوض حرية التعبير التي يحميها الدستور".

وأضاف: "إذا أصبح هذا التشريع قانوناً، فإن الجامعات الراغبة في تجنب التحقيق الفيدرالي، قد ينتهي بها الأمر إلى قمع الخطاب المحمي الذي ينتقد إسرائيل أو يدعم الفلسطينيين، وقد يضطر الطلاب وأعضاء هيئة التدريس إلى ممارسة الرقابة الذاتية".

كما دعا الاتحاد الأميركي للحريات المدنية في رسالة إلى المشرعين، إلى معارضة مشروع القانون.

وقال الاتحاد: "بينما ندعم بشكل كامل الجهود المبذولة لمكافحة التمييز والمضايقات من خلال الشكاوى والتحقيقات، فإننا نعارض بشدة استخدام تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست أو أي تعريف للتمييز يُهدد بفرض رقابة أو تجريم على الخطاب السياسي المحمي بموجب التعديل الأول للدستور، إذ من المرجح أن يؤدي ذلك إلى كبح حرية التعبير للطلاب في الحرم الجامعي من خلال المساواة بشكل غير صحيح بين انتقاد الحكومة الإسرائيلية ومعاداة السامية".

تصنيفات

قصص قد تهمك