احتجاجات واعتقالات.. حرب غزة تجتاح أسوار الجامعات الأميركية

time reading iconدقائق القراءة - 10
عدد من خيام المحتجين المتضامنين مع قطاع غزة وسط حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك. 22 أبريل 2024 - REUTERS
عدد من خيام المحتجين المتضامنين مع قطاع غزة وسط حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك. 22 أبريل 2024 - REUTERS
دبي-الشرق

تصاعدت التوترات في جامعات أميركية مؤخراً بين الطلاب المتضامنين مع الفلسطينيين على خلفية الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، وإدارات المؤسسات الأكاديمية، مع توقيف محتجين، ودعوات لحضور الدروس عبر الانترنت.

وأصبحت الجامعات في الولايات المتحدة، ميداناً رئيسياً للنقاش والتحركات على خلفية الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي، خصوصاً في ظل الدعم السياسي والعسكري الأميركي الكبير لإسرائيل.

وقوبلت النشاطات الداعمة للفلسطينيين في جامعات عدة، خصوصاً المرموقة منها مثل هارفارد وكولومبيا، بتحذيرات من تنامي التحركات المعادية للسامية، لاسيما وأن العديد من الجامعات الكبرى في البلاد تعتمد بشكل رئيسي على دعم مالي من منظمات وممّولين من اليهود، بحسب وكالة "فرانس برس".

جامعة كولومبيا

وبدأت الاحتجاجات، الأسبوع الماضي، مع إقامة "مخيم تضامن مع غزة" في حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، قبل أن تتسع لتشمل جامعات أخرى مثل جامعة نيويورك (NYU) ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ويال وغيرها.

ويطالب المشاركون في الاحتجاجات بجامعة كولومبيا، بقطع الصلات بين المؤسسة الأكاديمية المرموقة وإسرائيل على خلفية حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر، والأزمة الانسانية الكارثية التي تسببت بها، بحسب "فرانس برس".

وتم توقيف أكثر من 100 منهم، بعدما دعت سلطات الجامعة الشرطة للحضور إلى الحرم الجامعي الخاص، الخميس، في خطوة يبدو أنها أدت إلى تصعيد التوتر ودفعت عدداً أكبر من الأشخاص للمشاركة في التحرك نهاية الأسبوع.

وأمرت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، الاثنين، بأن تعطى الدروس عبر الإنترنت، بعد اضطرابات شهدها حرم الجامعة، بينما امتدت الاحتجاجات إلى غيرها في الولايات المتحدة.

وفي رسالة مفتوحة إلى أسرة جامعة كولومبيا، شددت شفيق على ضرورة "إعادة إطلاق" الدروس، وقالت: "طوال الأيام الأخيرة، كانت هناك العديد من الأمثلة على الترهيب، والسلوكيات القائمة على المضايقات في حرمنا".

وأشارت إلى أن "اللغة المعادية للسامية، حالها حال أي لغة أخرى تستخدم لإيذاء وتخويف الناس، غير مقبولة وسيتم اتخاذ إجراءات مناسبة"، لافتةً إلى أنه "من أجل خفض التصعيد في مشاعر الضغينة ومنحنا جميعاً فرصة التفكير في الخطوات المقبلة، أعلن أن جميع الدروس ستعطى عبر الإنترنت، الاثنين".

وألقى أعضاء من هيئة التدريس كلمات خلال مظاهرة في جامعة كولومبيا، الاثنين، بعد ساعات من إلغاء الجامعة حضور الطلاب للفصول الدراسية لتهدئة التوترات في الحرم الجامعي، بحسب وكالة "رويترز".

وقال ديفيد لوري الأستاذ بقسم لغات وثقافات شرق آسيا بجامعة كولومبيا: "نطالب بارنارد كوليدج وجامعة كولومبيا بإسقاط جميع التهم ووقف إلغاء (حضور الطلاب) فوراً وشطبهما من سجلات الطلاب، وإعادة جميع الحقوق والامتيازات لهم على الفور".

كما طالب لوري، بـ"عدم اتخاذ أي إجراء تأديبي ضد أي من الطلاب المتظاهرين بدون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وبعدم السماح لأي شرطي بدخول الحرم الجامعي دون التشاور الجاد مع اللجنة التنفيذية لمجلس الجامعة".

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن العديد من الطلاب اليهود عانوا من "بعض الاحتجاجات والهتافات الخاصة بمعاداة السامية"، و"استشعروا الخوف مرة أخرى على سلامتهم، كما شعر الخريجون والمانحون بغضب عارم".

وقدّر تقرير "نيويورك تايمز" أن قائمة الخيارات المتاحة أمام المسؤولين الذين يتعاملون مع الاحتجاجات "تتضاءل بوتيرة متسارعة"، إذ بات من المؤكد أن الاحتجاجات ستستمر في بعض الجامعات بصورة أو أخرى حتى نهاية العام الدراسي، وحتى في ذلك الوقت قد تتحول حفلات التخرج إلى تجمعات احتجاجية.

وتظاهر المحتجون بكثافات متنوعة منذ 7 أكتوبر الماضي، ولكن هذه الجولة من الاضطرابات على وجه التحديد "بدأت تكتسب قوة أكبر"، الأربعاء الماضي، بعد أن أقام طلاب جامعة كولومبيا معسكراً بينما كانت شفيق تستعد للإدلاء بشهادتها أمام الكونجرس، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وفي السياق، صدرت دعوات من الكونجرس الأميركي، لإقالة رئيسة جامعة كولومبيا، من جانب بعض المشرعين الذين حاولت تهدئتهم، الأسبوع الماضي، بكلمات وتكتيكات ألهبت جامعتها.

وخلال تلك الجلسة في واشنطن، أمام لجنة بمجلس النواب بقيادة الجمهوريين، تعهدت شفيق بـ"معاقبة الاحتجاجات غير المصرح بها في حرم الجامعة الخاصة بقوة أكبر"، وفي اليوم التالي، طلبت رئيسة جامعة كولومبيا من إدارة شرطة نيويورك "فض المخيم".

وأدت المقاربة القاسية التي انتهجتها إدارة جامعة كولومبيا إلى تأجيج المزيد من الاحتجاجات خارجها، إذ أفاد طلاب يهود عن استهدافهم بالسخرية من معاداة السامية، وأعربوا عن شعورهم بعدم الأمان خلال ذهابهم من وإلى جامعتهم وفقاً للصحيفة.

جامعة ييل

وساعدت الضجة المتصاعدة في منطقة مانهاتن على تأجيج الاحتجاجات داخل بعض الجامعات الأخرى، حيث امتدت إلى جامعة ييل إذ تجمع الطلاب في ساحة بينيكي بلازا في نيو هيفن بولاية كونيتيكت، لأيام لمطالبة الجامعة بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة.

وأفاد رئيس جامعة ييل، بيتر سالوفي، الاثنين، بأن قادة الجامعة أمضوا "ساعات عديدة" في محادثات مع المحتجين، وعرضوا إجراء مقابلة مع الأمين المشرف على لجنة مؤسسة ييل المعنية بمسؤولية المستثمرين.

ولكن مسؤولي الجامعة قرروا، الأحد الماضي، أن المحادثات "باءت بالفشل"، وأعرب سالوفي عن انزعاجهم بسبب تقارير أفادت بأن "بيئة الجامعة أصبحت معقدة بشكل متزايد".

وألقت السلطات القبض على 60 شخصاً، صباح الاثنين، بينهم 47 طالباً، بحسب سالوفي. 

واعتبرت جامعة ييل، أن قرار الاعتقال تم اتخاذه "مع أخذ سلامة وأمن مجتمع ييل بأكمله بعين الاعتبار، والسماح لجميع أفراد مجتمعنا بالوصول إلى منشآت الجامعة". لكن رغم ذلك، أغلق مئات المحتجين تقاطعاً حيوياً في المنطقة عقب حملة الاعتقالات.

جامعة هارفارد

وفي ماساتشوستس، كان المشهد أقل إثارة للجدل، حيث تحرك مسؤولو جامعة هارفارد للحد من إمكانية اندلاع الاحتجاجات، بإغلاق ساحة "هافارد يارد" والتي تقع في قلب الحرم الجامعي بكمبريدج، حتى الجمعة المقبل.

وتلقى الطلاب تحذيرات من أنهم قد يتعرضون للعقوبات إذا عمدوا، على سبيل المثال، إلى "إقامة خيام غير مصرح بها" أو "إغلاق مداخل المباني".   

واعتبر اتحاد "طلاب وطنيون من أجل العدالة في فلسطين"، أن الهدف من القرار "منع الطلاب من إقامة المخيمات التضامنية" التي تبرز في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وفي أماكن أخرى بمنطقة بوسطن، أقام المحتجون مخيمات في كلية إيمرسون، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة تافتس، ولكن هذه الاحتجاجات تبدو حتى الآن "أكثر اعتدالاً" من نظيراتها في ييل ونيويورك، على حد وصف "نيويورك تايمز" التي قالت إن المحتجين أقاموا مخيماً خارج كلية شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك. 

وأبدى مسؤولوا جامعة نيويورك تسامحاً مع المظاهرة لساعات، لكنهم أشاروا، الاثنين، إلى أن صبرهم "بدأ في النفاد".

وتجمع ضباط الشرطة على مقربة من موقع الاحتجاجات بعد أن تجاهل المحتجون الموعد النهائي لإخلائه في تمام الساعة الرابعة مساء (بالتوقيت المحلي)، لكن مع اقتراب الليل، دوت صافرات الإنذار واحتشد الضباط الذين كانوا يرتدون الخوذ ويحملون أصفاد اليد، وكانت عربات نقل السجناء تنتظر في مكان غير بعيد.     

وقال جون بيكمان، المتحدث باسم الجامعة في بيان، إنه "لم يكن من الضروري أن تؤدي أحداث اليوم إلى هذه النتيجة"، مشيراً إلى أن "بعض المحتجين الذين ربما لا ينتمون إلى جامعة نيويورك، اخترقوا الحواجز ورفضوا المغادرة".

وبسبب مخاوف أمنية قالت الجامعة، إنها "طلبت المساعدة من الشرطة".

تصنيفات

قصص قد تهمك