"تيك توك" في مصر.. صعود قياسي قد ينتهي بالحظر

time reading iconدقائق القراءة - 11
شعار منصة "تيك توك" يظهر على شاشة أحد الهواتف الذكية في نيويورك. 15 يناير 2025 - Bloomberg
شعار منصة "تيك توك" يظهر على شاشة أحد الهواتف الذكية في نيويورك. 15 يناير 2025 - Bloomberg
القاهرة-محمد عادل

تصاعد الجدل في مصر بشأن منصة الفيديوهات القصيرة "تيك توك"، بعد تحركات مكثفة من السلطات المصرية لمواجهة انتشار المحتوى الذي وصفته بـ"المخالف للآداب العامة"، وصلت إلى فتح تحقيقات مع عدد من صناع المحتوى، وسط مطالب بحظر المنصة الصينية في البلاد.

رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري، النائب أحمد بدوي، كشف عن مهلة 65 يوماً تبدأ من 3 أغسطس الجاري، بعد تقديم عدة بلاغات من قبل محامين ضد المنصة والمحتوى المنشور داخلها.

وقال بدوي إن "ملف السوشيال ميديا يلقى اهتماماً كبيراً على المستويين التشريعي والتنفيذي، لمواجهة السلبيات والجرائم الإلكترونية بكافة أشكالها"، لافتاً إلى أن "الدليل على هذه الجرائم هو ضبط أكثر من 65 شخصاً متهمين بنشر محتويات مخالفة للقانون".

وأشار رئيس لجنة الاتصالات إلى أن بعض التقارير رصدت استخدام "تيك توك" كوسيلة لغسل الأموال من خلال التربح غير المشروع من البث المباشر والهدايا الرقمية، ما يفتح الباب أمام أنشطة مالية مشبوهة دون رقابة واضحة.

ويأتي السوق المصري في المركز التاسع عالمياً من حيث عدد المستخدمين، بإجمالي 41.3 مليون مستخدم، وهذا العدد يتضمن فقط المستخدمين ممن يزيد عمرهم عن 18 عاماً، وفقاً لإحصائيات المنصة في يناير الماضي.

وعند مقارنة عدد مستخدمي "تيك توك" في مصر بإجمالي عدد مستخدمي الإنترنت، والبالغ 96.3 مليون مستخدم وفق إحصاء فبراير 2025، سنجد أن قرابة نصف المستخدمين في الداخل المصري يتواجد على منصة الفيديوهات القصيرة.

أرباح مالية ضخمة

ومنذ إطلاقها في 2019، حققت تيك توك انتشاراً كبيراً بين المستخدمين المصريين، عندما كانت البداية عبر تقليد الرقصات والحركات المضحكة على بعض الأغاني والمقاطع الموسيقية، ولكن سرعان ما تغير المحتوى وأصبح أكثر إثارة للجدل.

وشهدت المدارس المصرية، في السنوات الماضية، عدة وقائع مثيرة للجدل نتيجة انتشار تحديات خطيرة على "تيك توك"، ما دفع وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية إلى إصدار تحذيرات، وتبني إجراءات توعوية للحد من هذه الظاهرة.

من أبرز هذه الوقائع، تحدّي Blackout Challenge (تحدّي الإغماء)، الذي انتشر عبر مقاطع مصوّرة لفتيات بملابس مدرسية يقمن بحبس أنفاسهن حتى الإغماء، ثم يستيقظن بمساعدة زميلاتهن. وأثار هذا التحدّي حالة من القلق بين أولياء الأمور وإدارات المدارس، خاصة مع رصده في بعض المدارس الخاصة، مما استدعى تحذيرات رسمية.

وفي عام 2020، حذرت السلطات المصرية من تحدّي Skullbreaker (تكسير الجمجمة)، والذي يقوم فيه 3 طلاب بإجبار الثالث على القفز ثم دفعه أثناء القفز ليرتطم بالأرض، ما قد يؤدي لإصابات بالغة في الرأس أو العمود الفقري. وقد لقي هذا التحدّي رفضاً واسعاً بسبب خطورته الشديدة.

كما وقعت حادثة مأساوية في ديسمبر 2022، حين شارك طالب يبلغ من العمر 13 عاماً، في تحدّي Throw Your Friend (إلقاء صديقك)، فسقط على رأسه، ما تسبب في انفصال بالعمود الفقري والإصابة بالشلل الجزئي. وأثارت هذه الحادثة موجة غضب، ودعا نواب في البرلمان إلى حظر أو تقييد "تيك توك" بين الطلاب.

وزاد احتقان مستخدمي المنصة في مصر، مؤخراً، بسبب تدني مستوى المحتوى المقدم عبر "تيك توك"، خاصة ما يُقدم من تحديات في عروض البث المباشر، ويبدأ المتابعون في تقديم المكافآت الرقمية، والتي يمكن تحويلها إلى مبالغ مالية يصل إجماليها إلى ملايين الجنيهات.

ولكي يشجع صناع المحتوى متابعيهم على الإغداق عليهم بالجوائز، تحتد المنافسة في مدى جدلية التحديات وما يقومون به من تصرفات في العروض المباشرة، فعلى سبيل المثال جمعت صانعة محتوى تُدعى "سوزي الأردنية" قرابة مليون جنيه مصري، خلال عرض مباشر بعد تحقيقها مجموع 50% في مرحلة الثانوية العامة.

كيف يمكن حظر "تيك توك"؟

تعتمد فكرة استخدام الخدمات الرقمية والتطبيقات والمواقع في مصر على اتصال الأجهزة الإلكترونية من الهواتف والحواسيب بشبكة الإنترنت، من خلال إرسال تلك الأجهزة طلبات للحصول على المعلومات في صورة حزمات بيانية، لترد تلك الخدمة عليها بالمعلومات المطلوبة، وذلك يتمثل في عرض محتوى المواقع والتطبيقات أمام المستخدم على أجهزته.

الوصول إلى خدمة أو تطبيق أو موقع إلكتروني يسهل حجبه من خلال إضافة عناوين التعريف الرقمي IP Addresses لتلك الخدمة إلى قائمة الحجب، أو أن يتم حجب عنوان الموقع أو الخدمة نفسها URL، وبالتالي عندما تحاول أجهزة المستخدمين من الحواسيب أو الهواتف الوصول إلى تلك الخدمات، لن يتم تمرير طلباتها من خلال أنظمة مقدمي خدمات الإنترنت إلى الشبكة العنكبوتية الدولية.

يُذكر أن" تيك توك" قد واجه الحجب نتيجة مزيج من المخاوف الأمنية والاجتماعية، مثل ما تواجهه المنصة في الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، بينما اتخذت دول مثل الهند وألبانيا ونيبال والأردن قرارات بالحجب الشامل، بسبب مخاطر على المراهقين وانتشار محتوى مضر أو التحريض على العنف، بينما في باكستان والسنغال والصومال، ارتبط الحجب بمخاوف أخلاقية ومعلومات مضللة، في حين علّلت أفغانستان الحظر بالرغبة في "حماية الشباب" من التأثيرات السلبية.

أما في مصر، فمستقبل "تيك توك" مرهون بمدى قدرة المنصة على ضبط المحتوى الموجه للمراهقين، خصوصاً في ظل الحوادث التي شهدتها المدارس، مؤخراً، بسبب تحديات خطيرة.

ومع تنامي النقاشات حول السلامة الرقمية وحقوق البيانات، من المتوقع أن تتجه السلطات نحو تشديد الرقابة وربما فرض قيود جزئية أو شروط تنظيمية صارمة بدل الحجب الكامل، مع تعزيز برامج التوعية في المدارس والمجتمع لتقليل المخاطر.

تيك توك تحدّث إرشاداتها المجتمعية

إلى ذلك، أعلنت شركة "تيك توك" عن مجموعة واسعة من التعديلات على إرشادات المجتمع، تهدف  إلى تعزيز بيئة تفاعلية أكثر أماناً وشمولية، على أن تدخل حيز التنفيذ في 13 سبتمبر المقبل على مستوى عموم المستخدمين.

وذكرت الشركة أنها تسعى إلى "ضمان الشفافية في التعامل مع المحتوى والمستخدمين، مع التركيز على الحد من انتشار المواد الضارة والمضللة"، بحسب بيان رسمي.

وأشارت إلى أن أهداف الإرشادات الجديدة تشمل "حماية الفئات الحساسة، وتوضيح المعايير الخاصة بالمحتوى المؤهل للعرض في صفحة (For You)".

وأكدت أن الإرشادات الجديدة تُطبق على جميع المستخدمين والمحتويات بلا استثناء، وتشمل الضوابط "تحديد ما هو مسموح وما هو ممنوع".

السلامة والاحترام

وضعت الشركة الصينية "إطاراً صارماً" للتعامل مع السلوكيات العنيفة والإجرامية، إذ تمنع أي تهديدات أو تحريض أو تمجيد للعنف.

كما "تحظر الترويج للجريمة أو نشر تعليمات لتنفيذ أعمال ضارة، وتمنع أي محتوى يروّج للكراهية أو يستهدف الأفراد بناءً على صفات محمية مثل العِرق أو الدين أو الجنس أو الميول الجنسية".

ويمتد الحظر ليشمل المنظمات أو الأفراد الذين "يروّجون للعنف أو الكراهية، بما في ذلك الجماعات المتطرفة أو الإجرامية"، ويشمل المنع أيضاً "أي دعم أو تجنيد لصالح هذه الكيانات".

كما تحظر الشركة "أي محتوى يتضمن استغلالاً أو اعتداءً جنسياً أو جسدياً بحق الأطفال، وتمنع المواد التي تُظهر أو تسهّل الاعتداء الجنسي على البالغين، وتحظر أي شكل من أشكال الاتجار بالبشر أو التهريب".

وتشدد على "حظر المحتوى الذي يتضمن مضايقة أو تنمراً، سواء عبر الإهانات الموجهة للمظهر، أو كشف المعلومات الشخصية، أو التحرش الجنسي، أو الحملات المنظمة للإساءة".

ورغم السماح بالتعليقات النقدية على الشخصيات العامة، إلا أن المنصة تزيل أي محتوى يصل إلى مستوى الضرر البالغ.

الصحة النفسية

وأولت المنصة أهمية خاصة لحماية الصحة النفسية للمستخدمين، إذ "تحظر أي محتوى يروّج أو يشرح طرق إيذاء النفس أو الانتحار".

كما تشمل القيود "المواد التي تحث على أنماط غير صحية لإدارة الوزن أو تمجيد اضطرابات الأكل"، وتحظر أيضاً "أي محتوى يشجع على مقارنات جسدية سلبية". وتمنع "المواد التي تُظهر أو تروّج لتحديات وأنشطة خطيرة قد تؤدي إلى إصابات جسدية".

المواضيع الحساسة

وتفرض الشركة قيوداً جديدة على "محتوى التعري والسلوكيات الجنسية، ويشمل ذلك العري الكامل أو النشاط الجنسي أو تقديم الخدمات الجنسية أو أي سلوكيات موحية جنسياً، خصوصاً إذا شملت قاصرين".

كما تحظر المنصة "المحتوى الصادم أو العنيف بشكل مفرط، خاصة إذا كان قد يسبب ضيقاً نفسياً للمشاهدين".

وتمنع "المواد التي تُظهر أو تشجع على إساءة معاملة الحيوانات أو إهمالها أو استغلالها".

النزاهة والمصداقية

تحظر الشركة الصينية "نشر أي معلومات كاذبة قد تسبب ضرراً للأفراد أو المجتمع". كما تضع "معايير صارمة لضمان نزاهة الانتخابات، بما في ذلك منع الادعاءات الكاذبة حول طرق التصويت أو شروطه أو نتائجه".

وتلزم المنصة صناع المحتوى بـ"وضع علامات واضحة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه أو تعديله باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتحظر أي استخدام لهذه التقنيات إذا كان يضلل بشأن قضايا عامة أو يضر بالأفراد"، وتشدد الإرشادات على "حماية حقوق الملكية الفكرية، بمنع نشر أي مواد تنتهك حقوق الطبع أو العلامات التجارية دون إذن".

كما "تحارب السلوكيات الخادعة ومحاولات تضليل النظام أو التلاعب بخوارزمية التوصية، أو شراء خدمات لزيادة التفاعل بشكل مصطنع".

السلع والخدمات المنظمة

تمنع الشركة "الترويج أو بيع السلع والخدمات المحظورة أو عالية المخاطر". وتسمح لبعض الحسابات التجارية أو البائعين المعتمدين بالتسويق لسلع معينة إذا استوفوا شروطاً صارمة.

كما تشترط "الإفصاح عن أي محتوى ترويجي باستخدام إعدادات مخصصة، وتحظر أي مواد تروّج للاحتيال أو المخططات الخادعة".

الخصوصية والأمن

تحظر منصة الفيديوهات الاجتماعية "نشر أي معلومات شخصية قد تؤدي إلى أضرار مثل سرقة الهوية أو المطاردة أو الاحتيال، كما تمنع أي محاولات لاختراق أو التلاعب بأنظمة المنصة".

تقوم الشركة بـ"إزالة أي محتوى ينتهك الإرشادات فوراً، وقد تفرض قيوداً عمرية على المواد غير المناسبة لمن هم دون 18 عاماً، بحيث لا يشاهدها سوى البالغين".

وتوضح أن "بعض أنواع المحتوى، رغم كونها غير مخالفة، قد تُستبعد من الظهور في صفحة 'For You' إذا كانت عنيفة أو حساسة أو مضللة أو تتعلق بتحديات خطيرة".

توفر المنصة أدوات لتمكين المستخدمين من تخصيص تجربتهم، ويتضمن ذلك "مركز السلامة" للتحكم في تفضيلات المحتوى وإعدادات الحساب، كما تتيح إدارة التفاعلات مع الآخرين، وتعرض شاشات موافقة أو لافتات معلوماتية قبل بعض المواد.

تصنيفات

قصص قد تهمك