ترسانة الصين في حروب الفضاء مع أميركا.. القطاع الخاص بالواجهة

time reading iconدقائق القراءة - 6
صورة التقطها مسبار Chang 'e-6 الصيني بعد هبوطه على الجانب البعيد من القمر. 4 يونيو 2024 - AFP
صورة التقطها مسبار Chang 'e-6 الصيني بعد هبوطه على الجانب البعيد من القمر. 4 يونيو 2024 - AFP
شنغهاي-أ ف ب

يشكل الإنجاز غير المسبوق في العالم الذي حققته الصين والمتمثل في جمْع مسبارها Chang'e 6 عينات من الجانب البعيد من القمر، مؤشراً إلى التقدم الكبير الذي حققته في المجال الفضائي، حيث يأمل البلد الآسيوي أن تصبح شركاته الخاصة قادرة على منافسة نظيراتها في الولايات المتحدة.

ومغادرة المسبار Chang'e 6 الناجحة للقمر تعني أن الصين أقرب إلى أن تصبح أول دولة تعيد عينات من الجانب الذي لا يمكن رؤيته من الأرض.

ولا شك في أن الشركات الناشئة الصينية متأخرة جداً عن الشركات الأميركية العملاقة مثل "سبيس إكس" المملوكة للملياردير إيلون ماسك التي نفّذت، الخميس، الرحلة التجريبية الرابعة لصاروخها الأكبر في العالم "ستارشيب".

لكنّ الفارق بين الجهتين آخذ في التقلّص، لأن الصين تدعم بشكل نشط قطاعها الفضائي الخاص، وتسمح له بتعزيز قدراته.

ويقول المتخصص في البرنامج الفضائي الصيني تشين لان: "في غضون 5 سنوات، ستبدأ سبيس إكس باستشعار الضغط".

ويوضح أن "الوضع الحالي في سوق السيارات الكهربائية قد يتكرر في قطاع الفضاء"، في إشارة إلى شركة "تسلا" المملوكة أيضاً لإيلون ماسك، والتي تفوقت عليها من حيث المبيعات منافستها الصينية "بي واي دي" BYD.

ويرى أن "الأسد الكبير سبيس إكس قد يضطر كما حصل مع تسلا، إلى مواجهة قطيع من الذئاب متمثلة في الشركات الصينية الخاصة".

وفتحت الصين قطاعها الفضائي أمام رؤوس الأموال الخاصة في نهاية عام 2014، حيث سارعت مئات الشركات نحو هذا المجال.

وعلى سبيل المثال، أطلقت شركة Galactic Energy Consultants، الخميس، صاروخها "سيريس 1" محمّلاً بثلاثة أقمار اصطناعية إلى المدار، وهي واحدة من عشرات عمليات الإطلاق المماثلة المرتقبة خلال هذا العام في الصين.

ويقول مؤسس شركة Orbital Gateway بلين كورسيو "إن قطاع الفضاء التجاري الصيني مدهش من حيث الحجم والعمق".

ويشير إلى أن "سبيس إكس في حال بقيت متقدمة بفارق كبير" عن القادة الرئيسيين في القطاع الخاص الصيني، "فيُحتمل أن تكون الصين متقدمة" بين الشركات الثانوية.

13 ألف قمر اصطناعي

وتمتلك الصين محطة فضائية، كما سبق أن أنزلت مركبات على القمر والمريخ، في حين تخطط لإرسال رحلات مأهولة إلى القمر بحلول عام 2030، وإلى المريخ بحلول 2033.

ونجحت في سحْب عينات من الجانب البعيد للقمر، وهو إنجاز غير مسبوق عالمياً، ويُرتقب أن يعود المسبار الذي أنجز هذه المهمة إلى الأرض في نهاية يونيو الجاري.

ويصب القطاع الخاص الصيني حالياً اهتمامه على إطلاق أقمار اصطناعية في المدار.

وتتمتع الشركات الصينية بقدرة كبيرة في ما يتعلق بعمليات الإطلاق، وهو أمر ضروري لتمكين المشاريع الحكومية من إنشاء مجموعات ضخمة من الأقمار الاصطناعية، وفق هيئة الإذاعة والتلفزيون المركزية الصينية (CCTV) في أبريل الماضي.

وتبتكر الصين شبكتين من هذا النوع هما "جوانج" و"جي 60 ستارلينك"، ومن المفترض أن تضم الأولى 13 ألف قمر اصطناعي، والثانية 12 ألفاً.

ويصل عدد الأقمار الاصطناعية الصينية الموجودة في المدار إلى مئات الآلاف.

وأشارت CCTV إلى أن سرعة نشر الأقمار الاصطناعية مسألة مهمة جداً، لأن المشاريع الصينية تواجه منافسة من دول أخرى وقيوداً تتعلق بعدد المركبات الفضائية في المدار والترددات المتاحة.

فصواريخ "فالكون 9" من شركة "سبيس إكس" تُستخدم حالياً من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، فيما تغطي كوكبة الأقمار الاصطناعية "ستارلينك" عشرات البلدان.

ويشكل الفضاء موضوع تنافس حاد بين واشنطن وبكين، إذ تتهم كل منهما الأخرى بالرغبة في إخفاء أهداف عسكرية وراء تطوير هذا المجال.

وكان مسؤول أميركي سابق قال إن العقد المقبل سيكون "الأكثر أهمية" في التاريخ من ناحية المنافسة مع الصين في المجال الفضائي، مضيفاً: "يجب ألا نسمح بالخسارة".

قطاع استراتيجي

ويشير كورسيو إلى "روابط وثيقة" بين الدولة والشركات الخاصة في الصين، لأن عدداً كبيراً من هذه الشركات أسسها موظفون سابقون في وكالات رسمية أو باحثون في معاهد حكومية.

ويؤكد أن العلاقة لم تكن دائماً بسيطة "لأن الدولة مترددة في التخلي عن احتكارها" لهذا القطاع، كما أن لنطاق عمل الشركات الخاصة حدوداً.

لكن خلال اجتماع لكبار القادة الصينيين في ديسمبر الماضي، دعا هؤلاء إلى "تنمية" قطاع الفضاء الخاص، واصفين إياه بـ"الاستراتيجي".

ونفَّذت شركات تجارية صينية 26 عملية إطلاق في عام 2023، بحسب وسائل إعلام رسمية، من بينها العملية التي نفَّذها صاروخ Zhuque-2 من تصميم شركة LandSpace الخاصة، وهو أول صاروخ في العالم يصل إلى المدار بمحركات تعمل بالميثان السائل، وهي تكنولوجيا واعدة تساعد على خفض التكاليف.

ويشير تشن لان إلى أن "الخطوة الكبيرة التالية" للشركات الصينية الخاصة "ستكون تصميم صاروخ من نوع فالكون 9 (مثل سبيس إكس) وإتقان تقنية إعادة استخدام الطبقة الأولى" من الصاروخ.

ومن المتوقع أن يحقق عدد كبير من الشركات هذين الهدفين خلال السنة الجارية.

ومن المنتظر أن ينفّذ القطاع الخاص هذا العام نحو 30 من قرابة 100 عملية إطلاق مخطط لها في الصين.

وعلى سبيل المقارنة، نفَّذت "سبيس إكس" خلال العام الماضي 98 من أصل 109 عمليات إطلاق أميركية، بحسب عالم الفيزياء الفلكية جوناثان ماكدويل، ما يؤكد التفوق الأميركي في هذا القطاع خلال المرحلة الراهنة.

تصنيفات

قصص قد تهمك