دراسة تكشف طريقة جديدة للتنبؤ بالثورات البركانية

time reading iconدقائق القراءة - 6
صورة جوية تظهر الحمم البركانية في بركان مونا لوا في هاواي - 28 نوفمبر 2022 - AFP
صورة جوية تظهر الحمم البركانية في بركان مونا لوا في هاواي - 28 نوفمبر 2022 - AFP
القاهرة-محمد منصور

قالت دراسة جديدة، نشرتها دورية "ساينس أدفانسس"، إن فحص الصخور المنصهرة على عمق 20 كيلومتراً تحت سطح الأرض، يُمكن أن يساهم في إنقاذ الأرواح من خلال تحسين التنبؤ بالنشاط البركاني

وتسبب الانفجارات الانفجارية ذات الحجم الكبير، التي تزيد قوتها عن 7 على مؤشر الانفجار البركاني (VEI)، تأثيرات عالمية كبيرة بسبب طرد كميات هائلة من الصهارة السيليكية، وعلى الرغم من ندرتها، تشكل هذه الانفجارات تهديدات كبيرة للبشر والبيئة.

وقال الباحثون إن فهم العمليات التي تتحكم في تراكم وانفجار مثل هذه الكميات الهائلة من الصهارة (الحمم السائلة)، أمر بالغ الأهمية لتقييم المخاطر واستراتيجيات التخفيف من آثارها.

ويتم التنبؤ بالبراكين حالياً بناءً على نشاط البركان نفسه، والكيلومترات القليلة العليا من القشرة تحته، والتي تحتوي على صخور منصهرة من المحتمل أن تكون جاهزة للانفجار.

الانفجارات البركانية

وتسلط الدراسة الضوء على أهمية البحث عن أدلة أعمق بكثير في قشرة الأرض، حيث تنصهر الصخور أولاً "لتشكل الصهارة قبل أن ترتفع إلى غرف أقرب إلى السطح".

وكرس الباحثون في إمبريال كوليدج لندن، وجامعة بريستول، جهودهم في البحث العميق، لتسليط الضوء على "وتيرة وتكوين وحجم الانفجارات البركانية في جميع أنحاء العالم".

وتشير النتائج التي توصل إليها الباحثون إلى أن حجم وتواتر الانفجارات يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالوقت الذي تستغرقه الصخور المنصهرة شديدة الحرارة، والمعروفة باسم "الصهارة" لتتشكل في هذه الخزانات العميقة تحت قشرة الأرض - على أعماق تصل إلى 20 كيلومتراً - بالإضافة إلى حجم هذه الخزانات.

وراجع الباحثون بيانات، 60 من أشد الانفجارات البركانية في تسع دول، وهي: الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، واليابان، وروسيا، والأرجنتين، وتشيلي، ونيكاراجوا، والسلفادور، وإندونيسيا.

وركّزت الدراسات السابقة في المقام الأول على العمليات داخل "الغرفة الضحلة"، وهي منطقة ضحلة نسبياً داخل النظام البركاني حيث تتراكم الصهارة، ويتم تخزينها قبل الانفجار، وتقع عادةً على أعماق تتراوح ما بين 3 إلى 8 كيلومترات تقريباً تحت سطح الأرض. 

وخلصت تلك الدراسات إلى أن حجم وتواتر وتكوين الانفجارات الانفجارية الكبيرة، يتم التحكم فيها بشكل أساسي من خلال العمليات التي تحدث داخل تلك الغرفة.

نهج النمذجة العددية

لكن الدراسة الجديدة استخدمت نهج النمذجة العددية، لدراسة العمليات الفيزيائية والكيميائية المقترنة، التي تؤثر على تراكم الصهارة في خزانات المصدر الأعمق ونقلها لاحقاً إلى السطح. 

وعلى عكس النماذج السابقة، يدمج هذا النهج الاستجابات الحرارية لتسرب الصهارة مع عمليات الذوبان والفصل الصلبة، مثل الضغط، والتدفق التفاعلي، ومن خلال حل المعادلات التي تصف الحرارة والنقل الجماعي عددياً، يلتقط النموذج ديناميكيات تراكم الصهارة داخل خزان المصدر.

وقالت الدراسة الجديدة إن نقل الصهارة من خزان المصدر - الواقع على بعد أكثر من 20 كيلومتراً - يُمكن أن يحدث إلى الغرف الضحلة، أو السطح من خلال آليات مختلفة، مثل عملية الترشيح.

وبالتالي، وكما تقول مؤلفة الدراسة كاثرين بوث، الباحثة المشاركة في قسم علوم وهندسة الأرض في إمبريال كوليدج لندن، فإن فهم خزانات مصدر الصهارة العميقة التي تقع تحت أقدامنا، حيث تعمل الحرارة الشديدة على إذابة الصخور الصلبة, وتحولها إلى صهارة على أعماق تتراوح بين 10 إلى 20 كيلومتراً، هو "الطريقة المثلى للتنبؤ بالبراكين".

دمج البيانات 

ودمج الفريق البحثي بيانات العالم الحقيقي مع نماذج الكمبيوتر المتقدمة، ونظروا في تكوين وبنية وتاريخ الصخور العميقة تحت القشرة الأرضية، إلى جانب المعلومات التي تم جمعها من البراكين النشطة؛ لفهم كيفية تراكم الصهارة وسلوكها في أعماق الأرض، وصولاً إلى ارتفاعها في النهاية عبر قشرة الأرض إلى البراكين.

وأنشأ الباحثون عمليات محاكاة حاسوبية، تحاكي العمليات المعقدة لتدفق الصهارة وتخزينها في أعماق الأرض، ومن خلال عمليات المحاكاة، طوَّر الفريق رؤى جديدة حول العوامل التي تؤدي إلى الانفجارات البركانية.

وذكرت بوث، أن الدراسة تثبت ما يخالف الاعتقادات السابقة؛ فطفو الصهارة، وليس نسبة الصخور الصلبة والمنصهرة، هو ما يدفع "الثورات البركانية"، من خلال درجة حرارتها وتركيبها الكيميائي، مقارنة بالصخور المحيطة بها، تطفو الصهارة بعد تراكمها، وتحولها إلى درجة كثافة أقل، مما يمكنها من الارتفاع.

بمجرد توافر عوامل الطفو هذه، فإن الصهارة ترتفع وتحدث شقوقاً في الصخور الصلبة التي تغطيها، ثم تتدفق عبر هذه الشقوق بسرعة كبيرة، مسببة ثوراناً بركانياً.

بالإضافة إلى تحديد طفو الصهارة كعامل مهم يؤدي إلى الانفجارات، نظر الباحثون أيضاً في كيفية تصرف الصهارة بمجرد وصولها إلى غرف أقل عمقاً تحت الأرض قبل الانفجار مباشرة. 

مدة تخزين الصهارة

ووجد الباحثون أن مدة تخزين الصهارة في الغرف الضحلة، يمكن أن يكون لها تأثير على الانفجارات البركانية أيضاً، حيث تؤدي فترات التخزين الأطول إلى "ثورانات بركانية أصغر".

في حين أنه من المتوقع أن تؤدي الخزانات الأكبر حجماً إلى تغذية انفجارات أكبر وأكثر انفجاراً، فقد كشفت نتائج الدراسة أن الخزانات الكبيرة جداً تشتت الحرارة، مما يبطئ عملية ذوبان الصخور الصلبة إلى الصهارة. 

دفعت هذه النتائج الباحثين إلى استنتاج أن حجم الخزانات "عامل رئيسي آخر للتنبؤ بأحجام الانفجارات بدقة، وأن هناك ما يسمى بالحجم الأمثل لمعظم الانفجارات البركانية".

وتفيد النتائج بأن الانفجارات البركانية نادراً ما تكون معزولة، بل هي جزء من دورة متكررة، وبالإضافة إلى ذلك، كانت الصهارة الصادرة عن البراكين، التي درسها الباحثون، تحتوي على نسبة عالية من السيليكا، وهو مركب طبيعي معروف بأنه يلعب دوراً في تحديد لزوجة الصهارة وقابليتها للانفجار، حيث تميل الصهارة عالية السيليكا إلى أن تكون أكثر لزوجة، وتؤدي إلى المزيد من الانفجارات.

وأفاد الباحثون بأنه من خلال تحسين فهم العمليات الكامنة وراء النشاط البركاني، وتقديم النماذج التي تلقي الضوء على العوامل التي تتحكم في الانفجارات، تعد الدراسة "خطوة حاسمة نحو مراقبة هذه الأحداث الجيولوجية القوية والتنبؤ بها بشكل أفضل".

تصنيفات

قصص قد تهمك