تكهنت دراسة أميركية حديثة بشكل البركان، وحممه البركانية المتدفقة على جسم كوكبي مصنوع من المعدن، ما يتيح للعلماء تفسير السمات البيئية في العوالم والكواكب الأخرى.
ومن المعروف أن البراكين تتشكل عندما تنفجر الحمم والصهارة البركانية "اللافا" المكونة من مواد صلبة جزئياً تحت سطح الكوكب، لكن الدراسة التجريبية التي أجراها علماء من جامعة كارولينا الشمالية، تعطي نظرة ثاقبة على البراكين الحديدية.
وعلى كوكبنا الأزرق، تتكون هذه الصهارة غالباً من صخور ذائبة، تحتوي بنسبة كبيرة على السيلكا، ولكن ليست كل الأجسام الكوكبية مصنوعة من الصخور، فبعضها يمكن أن يكون جليدياً أو معدنياً.
من جانبها، قالت الأستاذة المساعدة في علوم البحار والأرض والغلاف الجوي في جامعة كارولينا الشمالية أريانا سولداتي، وهي المؤلفة الرئيسية للورقة البحثية، إن البراكين المتجمدة هي نشاط بركاني في عوالم جليدية، وقد شوهدت على قمر "إنسيلادوس" سادس أكبر أقمار كوكب زحل، أما البراكين الحديدية فهي عبارة عن نشاط بركاني في العوالم المعدنية، ولم تسجل أي ملاحظات أو مشاهدات عن ذلك النوع بعد.
مهمة ناسا المقبلة
بالنظر إلى "سايكي 16" وهو كويكب يصل قطره إلى 140 ميلاً (نحو 225 كيلومتراً)، يقع في حزام الكويكبات بين المريخ والمشترى، يُلاحظ أن سطحه يتكون أساساً من الحديد والنيكل وفقاً لراصدات الأشعة تحت الحمراء والرادار.
ويعد ذلك الكويكب مهمة إدارة الطيران والفضاء الأميركية "ناسا" المقبلة، إذ ألهم هذا الكويكب سولداتي، للتفكير في الشكل الذي قد يبدو عليه النشاط البركاني في عالم معدني.
وأضافت سولداتي في بيان صحفي تلقت "الشرق" نسخة منه: "لا نزال نستخدم ما يحدث على الأرض لتفسير ما يحدث في العوالم المختلفة عن عالمنا، وهو ما يحدث مع تصورنا عن الانفجارات البركانية".
وتابعت: "مع ذلك، ليس لدينا نشاط بركاني معدني واسع الانتشار على الأرض، لذلك يجب أن نتخيل كيف يمكن أن تبدو تلك العمليات البركانية في العوالم الأخرى كي نتمكن من تفسيرها بشكل صحيح".
تحدد "سولداتي" نوعين محتملين من البراكين الحديدية، أولهما البراكين الحديدية الخالصة التي تحدث على أجسام معدنية بالكامل، أما النوع الثاني فهو البراكين الحديدية الزائفة التي تحدث على أجسام معدنية صخرية هجينة.
براكين حديدية "زائفة"
أنتجت سولداتي وزملاؤها داخل المعمل، النوع الثاني من البراكين الحديدية التي توصف بأنها "زائفة"، وفيها ينفصل المعدن عن الصخور مع تشكل الصهارة.
وفي حديثها عن تفاصيل تجربتها، مضت سولداتي قائلة: "أعددنا فرناً لصهر الصخور، وكنا نعمل مع المعادن، الحديد بشكل أساسي".
عندما تذوب الصخور في ظل ظروف قاسية بالفرن، فإن بعض الحديد سينفصل ويغرق في القاع لأنه أثقل، حسبما توضح سولداتي، بإفراغ الفرن تماماً تمكن الفريق من رؤية كيف تتصرف الصهارة المعدنية مقارنة بالصخور.
وسارت تدفقات الحمم المعدنية بشكل أسرع بعشر مرات وانتشرت بشكل أرق من تدفقات الصخور، وانكسرت إلى عدد لا يحصى من القنوات المضفرة. كما تحرك المعدن أسرع تحت تدفق الصخور وخرج من الحافة الأمامية للحمم الصخرية.
وبحسب سولداتي، فإن الطبقات الناعمة والرقيقة والمضفرة المنتشرة على نطاق واسع للحمم المعدنية تترك انطباعاً مختلفاً تماماً على سطح الكوكب عن التدفقات الصخرية السميكة والخشنة التي يُعثر عليها على الأرض، هذا يعنى أن جغرافياً سطح الكواكب المعدنية سيختلف شكلها تماماً عن شكل الأرض.
تأمل سولداتي، أن يتم استخدام نتائج دراستها لتوقع ما يُمكن أن تفعله البراكين في الكواكب التي يتكون لبها من مواد أخرى. وتشير الباحثة إلى أن الدراسة "تجعلنا نفهم بشكل أفضل كوننا الفسيح".