إدمان وسلاح ناري.. هانتر بايدن في دائرة الأضواء

time reading iconدقائق القراءة - 12
هانتر بايدن، نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن، يغادر مبنى جيه كالب بوغز الفيدرالي. ويلمنجتون، ديلاوير. 3 يونيو 2024 - AFP
هانتر بايدن، نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن، يغادر مبنى جيه كالب بوغز الفيدرالي. ويلمنجتون، ديلاوير. 3 يونيو 2024 - AFP
دبي-الشرق

انطلقت فصول محاكمة تاريخية لهانتر نجل الرئيس الأميركي جو بايدن بتهمة حيازة سلاح ناري بدون سند قانوني، في إجراء سيسلط الضوء مرة أخرى على المشاكل الشخصية التي لطالما عانى منها هانتر والمرتبطة على الخصوص بالإدمان، ما من شأنه أن يؤثر على فرص والده في الفوز بولاية ثانية خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في نوفمبر المقبل.

وبدأت المرافعات بشكل رسمي، الثلاثاء، بعد اختيار أعضاء هيئة المحلفين لهذه المحاكمة التي من المتوقع أن تستمر لنحو أسبوعين، ووصل هانتر البالغ من العمر 54 عاماً إلى المحكمة في بلدته ويلمنجتون إلى جانب السيدة الأولى جيل بايدن وأفراد عائلته، وسط غياب والده الرئيس بايدن.

وتشكل هذه المحاكمة، إلى جانب أخرى يواجه فيها هانتر اتهامات بالتهرب الضريبي في كاليفورنيا، مصدر إحراج لبايدن الذي رفض التعليق على هذه الإجراءات، وقال في بيان: "كرئيس لن أعلق على إجراء فيدرالي جارٍ، ولكن كأب أكن حباً لا حدود له لابني، وأثق به وأحترم قوته".

وتأتي محاكمة هانتر بايدن بعد أيام قليلة على الإدانة التاريخية في نيويورك للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بتهمة تزوير سجلات تجارية ليكون أول رئيس أميركي سابق في التاريخ يدان على ذمة قضية جنائية.

طفولة "مأساوية"

وُلِد هانتر بايدن في ويلمنجتون بولاية ديلاوير عام 1970 لأب يدعى جو بايدن وزوجته الأولى نيليا، وحصل على اسم عائلة والدته كاسم أول.

كان عمره عامين فقط في ديسمبر 1972 عندما اصطدمت شاحنة بسيارة العائلة - بعد أقل من 6 أسابيع من انتخاب والده لمجلس الشيوخ الأميركي، وأودى الحادث بحياة والدته وشقيقته الرضيعة نعومي، بينما تركه مصاباً بكسر في الجمجمة وشقيقه الأكبر بو بكسر في الساق.

أدى جو بايدن الذي لم يكن في السيارة، اليمين الدستورية بجانب سريرهما في المستشفى.

التحق هانتر لاحقاً بجامعة جورج تاون وكلية الحقوق بجامعة ييل، وتخرج عام 1996، بين الدرجتين، انضم إلى "فيلق المتطوعين اليسوعيين"، وهي مجموعة كاثوليكية تخدم المجتمعات المهمشة.

هناك التقى زوجته الأولى، كاثلين بوهل، وهي محامية، وتزوجا عام 1993. ولديهما 3 أطفال، نعومي وفينيجان ومايسي، لكن الزوجين انفصلا عام 2017.

"عار" الإدمان

على خلاف والده الذي لم يكن يتعاطى المشروبات الكحولية، بدأ هانتر في الشرب عندما كان مراهقاً، كما اعترف بتعاطي الكوكايين عندما كان طالباً جامعياً. وقد دخل وخرج لمرات عديدة من برامج إعادة التأهيل.

وفي عام 2013، التحق كجندي احتياط للبحرية الأميركية وأقسم اليمين أمام والده - نائب الرئيس آنذاك - في حفل أقيم بالبيت الأبيض.

لكن في يومه الأول في القاعدة البحرية، ثبتت وجود أثار للكوكايين في جسمه، وتم تسريحه من الخدمة. وهو الأمر الذي قال عنه لاحقاً إنه كان "محرجاً".

وبحسب مجلة "نيويوركر"، فقد أفرط في الشرب بعد وفاة شقيقه الأكبر بو بسرطان المخ في عام 2015، وكان أحياناً لا يغادر المنزل إلا لشراء الكحول.

وكتبت ابنته نعومي ذات مرة على منصة "إكس": "كان هو وبو واحداً. قلب واحد، روح واحدة، عقل واحد".

خلال طلاقهما المرير، اتهمت بوهل هانتر "بالإنفاق ببذخ على مصالحه الخاصة (بما في ذلك المخدرات والكحول والعاهرات ونوادي التعري والهدايا للنساء اللواتي أقام معهن علاقات جنسية) بينما ترك الأسرة من دون أموال لدفع الفواتير المستحقة".

وفي العام الماضي، كسرت صمتها بشأن كيفية انهيار الزواج الذي دام 24 عاماً، وقالت لبرنامج Good Morning America: "كان يعاني إدماناً هائلاً للمخدرات، وهذا أمر مفجع ومؤلم، ولم يكن هذا الشخص الذي تزوجته".

وفي مذكراته لعام 2021 بعنوان Beautiful Things، اعترف هانتر بأن خيانته كانت السبب الرئيسي الذي أدى إلى انهيار زواجهما.

وأظهر اختبار الحمض النووي في عام 2019 أنه كان "الأب البيولوجي والقانوني" لطفلة ولدت من لوندن أليكسيس روبرتس، وهي راقصة في ملهى ليلي في أركنساس.

وادعى هانتر أنه "لا يتذكر" لقاءهما في مذكراته، لكنه قام بتسوية دعوى نسب مع روبرتس، ودفع نفقة طفلتها.

لا يبدو أن أياً من عائلة بايدن قد التقى نافي روبرتس، التي تبلغ من العمر الآن 4 سنوات. ولكن وسط حملة ضغط إعلامية، أُجبر الرئيس بايدن الصيف الماضي على الاعتراف بحفيدته السابعة.

وحتى قبل أن ينفصل بشكل رسمي من زوجته بوهل، دخل هانتر في علاقة مع أرملة شقيقه، هالي بايدن. وقال لصحيفة "نيويوركر" إنهما ارتبطا لمدة عامين تقريباً، بسبب الحزن المشترك و"المحدد للغاية" لخسارتهما.

قضية المسدس

بعد شهرين من إكمال فترة في مركز إعادة التأهيل عام 2018، اشترى هانتر مسدساً على سبيل النزوة. ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقد قال لصديق للعائلة: "أعلم أنكم جميعاً تعتقدون أن الأخ الخطأ قد مات".

ويقول المدعون إنه كذب في نموذج طلب السلاح الناري، عندما زعم أنه لم يكن يتعاطى المخدرات في ذلك الوقت - وهي جريمة قد يواجه بسببها الآن ما يصل إلى 25 عاماً خلف القضبان.

وعثرت هالي أرملة شقيقه بو على السلاح في سيارته، وخوفاً من أن يؤذي نفسه، ألقته في سلة للمهملات خلف متجر بقالة بعد 11 يوماً من شرائه.

وباعتراف هانتر نفسه - المنشور في مذكراته - كان في خضم "إدمان كامل" في ذلك الوقت.

وأشارت تقارير إعلامية أميركية إلى انفصال "ودي" بين الاثنين في عام 2019، بعد أقل من أسبوع من إطلاق والده لحملته للانتخابات الرئاسية.

ولكن بعد أسابيع قليلة، تزوج هانتر من المخرجة السينمائية الجنوب إفريقية ميليسا كوهين بعد قصة حب استمرت 6 أيام. ولديهما ابن واحد.

وفي حديثه في عام 2019 عن صراعه مع الإدمان، قال: "لا يمكنك التخلص منه. عليك أن تكتشف كيفية التعامل معه".

اتجه هانتر في السنوات الأخيرة إلى الرسم كشكل من أشكال العلاج، وقال لصحيفة "نيويورك تايمز"، إنه "يبعدني عن الأشخاص والأماكن التي لا ينبغي لي أن أكون فيها".

لكن مبيعات أعماله الفنية - بما يصل إلى 500 ألف دولار لكل قطعة - خلقت معضلة أخلاقية للبيت الأبيض في عهد بايدن.

ودافع الرئيس بايدن عن ابنه في مناسبات متعددة، وأبرزها خلال مناظرة رئاسية عام 2020.

الصين وأوكرانيا

جرى الحديث في السنوات الأخيرة عن مصالح هانتر التجارية الأجنبية، عندما كان والده نائباً للرئيس. ففي عام 2013، تولى منصباً في مجلس إدارة BHR، وهي شركة استثمار خاصة صينية - أولاً كعضو بدون أجر، ثم امتلك لاحقاً حصة 10% في الصندوق.

وتم تسجيل الشركة في شنغهاي بعد أقل من أسبوعين من سفر هانتر مع والده في رحلة رسمية إلى الصين بصفته نائباً للرئيس ولقاء الرئيس التنفيذي لشركة BHR، ولكن فقط "لتناول فنجان من القهوة"، كما قال الابن الأول لاحقاً.

بعد أن ترك والده منصبه في عام 2017، دخل هانتر في شراكة مع قطب النفط الصيني يي جيان مينج في مشروع للغاز الطبيعي بلويزيانا. لكن الصفقة انهارت بعد أن اعتقلت السلطات الصينية مينج بتهمة الفساد.

وأثارت تعاملات هانتر في أوكرانيا الكثير من الجدل، نظراً لأن والده كان محورياً داخل إدارة أوباما في العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.

في عام 2014، انضم هانتر إلى مجلس إدارة شركة الطاقة الأوكرانية، "بوريسما القابضة"، حيث كان يتقاضى ما يصل إلى 1.2 مليون دولار سنوياً.

وكجزء من حملة لمكافحة الفساد، كان نائب الرئيس آنذاك جو بايدن يعمل من أجل الإطاحة بالمدعي العام الأعلى في البلاد، فيكتور شوكين الذي تم عزله من قبل البرلمان عام 2016، لكن المنتقدين يزعمون أن المدعي العام فقد وظيفته فقط لأنه كان يحقق في قضية "بوريسما".

وزعم الجمهوريون أن كلاً من جو وهنتر بايدن تلقيا مدفوعات بقيمة 5 ملايين دولار من المسؤولين التنفيذيين في "بوريسما"، مقابل إقالة شوكين. لكن هذه الادعاءات تلاشت عندما اتُهم مخبر سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي بتلفيق مخطط الرشوة بأكمله.

كما ظهر الكمبيوتر المحمول الذي تركه هانتر في متجر لإصلاح الأجهزة الإلكترونية بديلاوير، والملفات الموجودة على الجهاز، بشكل بارز في الحملة الرئاسية لعام 2020.

وزعم فريق بايدن في ذلك الوقت أنها كانت "حملة تشهير" هندستها روسيا، لكن الملفات التي تم التحقق من صحتها من قبل وسائل الإعلام الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، أظهرت خلاف ذلك.

وقدم تحليل محتوياتها دليلاً على المكاسب الهائلة التي حققها هانتر من عمله في الصين وأوكرانيا، فضلاً عن أدلة على مغامراته الشخصية التي شكل الكحول والمخدرات جزءاً مهماً فيها. 

محاكمة "شخصية"

تتخذ المحاكمة الجارية لهانتر بايدن طابعاً شخصياً بالنسبة لعائلة بايدن ككل، وليس هانتر فقط رغم أنه الوحيد في دائرة الاتهام، إذ من المرتقب أن تكشف عن فصول جديدة بشأن حياته الشخصية، وهو ما بدا جلياً مع تركيز الادعاء العام على مسألة "الإدمان" عند اختيارهم المحلفين الذين سيقررون مصير هانتر.

وتتألف هيئة المحلفين النهائية من 12 عضواً موزعين بين 6 رجال و6 نساء. وأغلبية أعضاء اللجنة من أصول إفريقية، وفقاً لما أوردت شبكة CNN الأميركية، وهناك أيضاً 4 أعضاء بدلاء.

وقدمت البيانات الافتتاحية، الثلاثاء، في الساعة 9 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، حيث حاول المدعون إثبات مزاعمهم بأن هانتر بايدن كان متعاطياً نشطاً للمخدرات عندما اشترى مسدساً من متجر أسلحة في ويلمنجتون في أكتوبر 2018. ولديهم شهادات من 3 سيدات كن على علاقة بهانتر، يقول الادعاء إنهن يستطعن دعم القضية.

واعترض محامو هانتر بايدن على القضية نفسها، إذ زعموا أن المستشار الخاص ديفيد فايس الذي فتح هذه القضية، كان مدفوعاً بالتحيز السياسي ضد الرئيس جو بايدن.

لكن القاضية ماري إلين نوريكا منعتهم من مناقشة هذا الأمر أمام هيئة المحلفين. لذا، من المرجح أن يركز دفاعهم على أسئلة أكثر تحديداً تتعلق بتعريف "الإدمان" والأشكال المتضمنة في عمليات شراء الأسلحة.

خلال اليوم الأول من المحاكمة (الاثنين)، تحدث المحلفون المحتملون عن أحبائهم الذين عانوا الإدمان، أمام قاعة محكمة مكتظة بالمراسلين من جميع أنحاء العالم.

قالت إحدى النساء في هيئة المحلفين إن أختها كانت "مدمنة متعافية" أدينت سابقاً بارتكاب جرائم مخدرات والاحتيال على شركات الائتمان، وقضت بعض الوقت في سجن ولاية ديلاوير.

وقالت امرأة أخرى في هيئة المحلفين إن أفضل أصدقاء طفولتها توفيت بسبب جرعة زائدة من الهيروين، وواجه رجل لم يتم اختياره لهيئة المحلفين صعوبة عند حديثه عن فترات دخول ابن أخيه المتعددة إلى مراكز إعادة التأهيل وخروجه منها.

وكل هذا مرتبط بالقضية، لأن المدعين سيحتاجون إلى التركيز على صراع هانتر بايدن مع الإدمان للفوز بالقضية، كما يخططون لتسليط الضوء على الرسائل الشخصية والمؤلمة التي تبادلها مع عائلته، وهو ما يعني أن كيفية تأويل المحلفين لإدمان هانتر، قد يحدد مسار القضية.

وإلى جانب ذلك، تم التركيز مع المحلفين على جانب رئيسي آخر من القضية، وهو حيازة الأسلحة النارية.

وتضمنت هيئة المحلفين مجموعة واسعة من الآراء حول حقوق حمل الأسلحة النارية في الولايات المتحدة، حيث قال البعض إن بعض الأسلحة النارية- مثل ما يسمى بالأسلحة الهجومية- يجب حظرها وأشاد آخرون بالتعديل الثاني الذي يكفل حق الحصول على سلاح.

وقال العديد من المحلفين الذين تم اختيارهم إنهم يمتلكون سلاحاً نارياً، وكان لدى أحدهم ترخيص حمل سلاح، مشيراً إلى أنه يعتقد أن "حقنا في التعديل الثاني مهم جداً، وأنا أقف معه".

وعندما سُئلت عن آرائها بشأن المخدرات وامتلاك الأسلحة النارية، قالت امرأة التي اختيارها ضمن هيئة المحلفين، إنه يجب السماح للأشخاص الذين يدخنون الماريجوانا بامتلاك الأسلحة النارية، قائلة إن "الحشيش، بالنسبة لي، ليس سيئاً مثل المخدرات الأخرى، مثل الهيروين".

وقالت محلفة أخرى تم اختيارها كبديل إنها تعتقد أن تقييمات الصحة العقلية يجب أن تكون جزءاً من عملية امتلاك سلاح ناري، مستشهدة بإطلاق النار في المدارس، وقالت إن قوانين الأسلحة يجب أن تكون "أكثر صرامة".

تصنيفات

قصص قد تهمك