حذر مسؤولون إسرائيليون، الأربعاء، من إمكانية انسحاب مصر من جهود الوساطة في مفاوضات غزة، وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وسط تفاقم الأزمة بين البلدين، عقب سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح. وفق ما أوردت صحيفة "هآرتس".
وعبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، عن رفض القاهرة القاطع لما وصفه بـ"سياسة ليّ الحقائق والتنصل من المسؤولية التي يتبعها الجانب الإسرائيلي"، وذلك رداً على مزاعم وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس، الذي "حمّل مصر مسؤولية منع وقوع أزمة إنسانية في قطاع غزة".
وشدد سامح شكري في بيان، على أن "إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حالياً".
واعتبر سامح شكري أن "السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في محيط المعبر، وما تؤدي إليه من تعريض حياة العاملين في مجال الإغاثة وسائقي الشاحنات لمخاطر محدقة، هي السبب الرئيسي في عدم القدرة على إدخال المساعدات من المعبر".
ولعبت مصر دوراً هاماً في جهود الوساطة بين تل أبيب وحركة "حماس"، من أجل التوصل إلى اتفاق، بعدما أحرز المفاوضون تقدماً في الجوانب الفنية للصفقة، إلا أنها انتهت بـ"طريق مسدود".
وعبّر المسؤولون الإسرائيليون، وفق "هآرتس"، عن قلقهم من احتمال خفض مستوى التعاون بين مصر وإسرائيل في مجاليْ الدفاع والاستخبارات، ما لم يتم حل الأزمة، كما أبدوا تخوفاً من أن الأزمة في العلاقات قد تتفاقم مع استمرار القتال في غزة وانهيار المحادثات الرامية إلى التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس".
وقال أحد المسؤولين: "الوضع مع مصر الآن هو الأسوأ منذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي. في بداية الحرب، أبدى المصريون تفهماً لموقفنا".
وأضاف المسؤول: "حدث تحول في موقف مصر تجاه إسرائيل، منذ أن بدأ الجيش العمل في رفح. إنهم يعملون عمداً لعرقلة طريقنا ومحاولة فرض نهاية للحرب علينا. هذا أمر لم يحدث قط، ولا حتى خلال عملياتنا السابقة في غزة".
أزمة دبلوماسية
وبدأت الأزمة الدبلوماسية بالعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح واستيلاءها على الجانب الغزاوي من المعبر الحدودي الذي يفصل بين القطاع ومصر.
وإثر ذلك، انتقد المسؤولون المصريون ما تم تصويره من الاستيلاء على المعبر ورفع العلم الإسرائيلي هناك، ما جعل من الصعب سياسياً على مصر الاستمرار في إدارة جانبها من المعبر.
وفي هذا الصدد، اعتبر وزير الخارجية المصري أن "السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في محيط المعبر، وما تؤدي إليه من تعريض حياة العاملين في مجال الإغاثة وسائقي الشاحنات لمخاطر محدقة، هي السبب الرئيسي في عدم القدرة على إدخال المساعدات من المعبر".
وما يفاقم الأزمة، اتخاذ مصر قبل أيام، قراراً بدعم التماس طلب جنوب إفريقيا المقدم إلى محكمة العدل الدولية، إذ من المتوقع أن تستمع المحكمة خلال اليومين المقبلين إلى طلب جنوب إفريقيا اتخاذ إجراءات مؤقتة إضافية ضد إسرائيل.
وأعلنت مصر عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى، للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة.
وتخشى إسرائيل أنه بسبب تدهور الوضع الإنساني، ستتخذ المحكمة ضدها خطوات أكثر صرامة مما فعلته بعد جلسة يناير الماضي، وفي ذلك الوقت، أمرت إسرائيل بزيادة كمية المساعدات التي تدخل غزة، لكنها امتنعت عن الأمر بوقف القتال.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين: "إننا نفهم السبب وراء تسببهم في مشكلة علاقات عامة، لكن ردهم، الذي أدى إلى وقف نقل المساعدات الإنسانية بشكل شبه كامل، مبالغ فيه تماماً".
وقد دفع هذا الطلب إسرائيل إلى دراسة إمكانية دمج السلطة الفلسطينية في إدارة المعبر، إذ من المرجح أن تثير مثل هذه الخطوة انتقادات جدية من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم، والتي تعارض أي نوع من التعاون مع السلطة الفلسطينية في غزة.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول إسرائيلي شارك في هذه الجهود، إنه لم يكن هناك سوى "مستشعرات أولية وليس عرضاً ملموساً"، ما دفع السلطة الفلسطينية إلى الرد بتشكك.
وأضاف: "إنهم لا يريدون إعطاء موافقتهم على خطوة يمكن تفسيرها على أنها تعاون مع إسرائيل، في وقت لا تزال فيه عملية رفح مستمرة، ثم يكتشفون في النهاية أن رئيسا حزبيْ اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن جفير أحبطاها. في الوقت الحالي، إنها مشكلة ليس لها حل، وتزداد سوءاً".