حذَّرت دول عربية، الاثنين، من مغبّة اجتياح إسرائيل لمدينة رفح، جنوب قطاع غزة، التي يحتمي فيها أكثر من مليون فلسطيني في ظروف معيشية قاسية، فيما شنّ الجيش الإسرائيلي "هجوماً مباغتاً على أهداف لحماس شرق رفح.
وقالت وزارة الخارجية السعودية، إن المملكة تحذّر من مخاطر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح، ضمن "حملتها الدموية الممنهجة لاقتحام كافة مناطق قطاع غزة، وتهجير سكانه نحو المجهول"، وذلك في ظل "انعدام الملاذات الآمنة بعد الدمار الهائل الذي تسببت به آلة الحرب الإسرائيلية".
وشددت الخارجية السعودية في بيان على "رفض المملكة القاطع لمواصلة قوات الاحتلال انتهاكاتها السافرة لكافة القرارات الدولية الداعية لوقف هذه المجازر، وانتهاكها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني دون رادع، بما يفاقم من الأزمة الإنسانية، ويحدّ من جهود السلام الدولية".
وجددت المملكة مطالبها للمجتمع الدولي بـ"التدخل فوراً لوقف عمليات الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق المدنيّين العُزّل في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
كارثة إنسانية غير مسبوقة
وبحث وزير الخارجية المصري سامح شكري هاتفياً مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، تطورات التحركات الإسرائيلية الأخيرة في رفح جنوب غزة.
وأضافت الخارجية المصرية في بيان أن الوزيرين ناقشا "احتمالات قيام القوات الإسرائيلية بعملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية"، مشيرة إلى أن شكري جدّد "التحذير من مخاطر التصعيد العسكري الإسرائيلي في رفح.. التي تعتبر آخر منطقة آمنة نسبياً بقطاع غزة والملاذ الأخير لأكثر من مليون فلسطيني، الأمر الذي قد يسفر عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ينبغي تجنبها".
وذكر البيان أن الوزيرين أكدا "أهمية عدم إضاعة الفرصة المتاحة للتوصل إلى اتفاق هدنة يسمح بتبادل الأسرى والمحتجزين ووقف نزيف الدماء لبضعة أسابيع يقود إلى وقف كامل لإطلاق النار، والبناء على جهود الوساطة الحالية للوصول لانفراجة لهذا الوضع المتأزم، وعدم المخاطرة بأرواح المزيد من الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني".
مباحثات إماراتية قطرية مصرية
وقالت الإمارات، إن وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد بحث هاتفياً مع نظيريه القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والمصري سامح شكري الأوضاع في قطاع غزة.
وأضافت الخارجية الإماراتية في بيان، أن الشيخ عبد الله ناقش مع الوزيرين الجهود القطرية والمصرية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين في ظل المخاوف من تصعيد عسكري بجنوب قطاع غزة.
وأشاد الوزير الإماراتي بجهود الوساطة التي تقوم بها الدوحة والقاهرة، مؤكداً دعم الإمارات لهذه الجهود. وأعرب عن أمله بأن تسفر عن "تهدئة تقود لإنهاء الحرب بما يُجنّب الشعب الفلسطيني الشقيق المزيد من المعاناة، ويخدم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة"، بحسب البيان.
وشدد على "أهمية تعزيز الاستجابة الإنسانية لاحتياجات أهالي غزة، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية والطبية لهم على نحو عاجل وآمن ومستدام دون عراقيل".
ملك الأردن يحذّر من "مجزرة جديدة"
وأبلغ ملك الأردن عبد الله الثاني، الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقاء في البيت الأبيض، الاثنين، بأن على المجتمع الدولي التحرك فوراً لمنع "كارثة جديدة" في غزة جراء الهجوم على رفح.
ونقل التلفزيون الرسمي عن الملك عبد الله القول: "الهجوم الإسرائيلي على رفح، التي نزح إليها نحو 1.4 مليون شخص جراء الحرب على غزة، يهدد بالتسبب بمجزرة جديدة".
وأكد الجانبان التزامهما بالعمل للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في غزة.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن نتنياهو يخاطر بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار بقصف رفح.
وكتب الصفدي على منصة "إكس": "بُذلت جهود هائلة للتوصل إلى اتفاق تبادل من شأنه إطلاق سراح الرهائن وتحقيق وقف لإطلاق النار. وطرحت حماس عرضاً. إذا كان نتنياهو يريد حقاً التوصل إلى اتفاق، فسوف يتفاوض على العرض بجدية. وبدلاً من ذلك، فهو يخاطر بتقويض الاتفاق".
الكويت تندد بالانتهاكات الإسرائيلية
وحذَّرت الكويت من "مغبة الهجوم الهمجي الذي تعتزم قوات الاحتلال الإسرائيلية شنه على مدينة رفح في قطاع غزة، وما سينتج عنه من تهجير للسكان بشكل قسري نحو المجهول، وذلك في ظل انعدام الملاذات الآمنة نتيجة الدمار الهائل الذي تسبّب به العدوان الإسرائيلي الممنهج".
وأكدت الخارجية الكويتية في بيان "رفض الكويت التام لمواصلة قوات الاحتلال انتهاكاتها السافرة لكافة القرارات الدولية الداعية لوقف هذه المجازر، وانتهاكها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني دون رادع بما يفاقم من الأزمة الإنسانية، ويحدّ من جهود السلام الدولية".
وجددت الكويت مطالبتها للمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لـ"وقف عمليات الإبادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال بحق المدنيين العُزّل في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
هجوم إسرائيلي مباغت على رفح
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنه يشن "هجوماً مباغتاً في هذه الأثناء على أهداف لحماس في منطقة شرق رفح".
وذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أنه "خلال ساعات النهار أغارت المقاتلات على أكثر من 50 هدفاً في منطقة رفح".
وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن حكومة الحرب وافقت على مواصلة عملية في مدينة رفح "من أجل زيادة الضغوط على حركة "حماس".
وقال مكتب نتنياهو في بيان: "قررت حكومة الحرب بالإجماع أن تواصل إسرائيل العملية في رفح لممارسة ضغط عسكري على حماس من أجل إحداث تقدم في عملية إطلاق سراح الرهائن لدينا وتحقيق أهداف الحرب الأخرى".
وأضاف: "بالتوازي مع ذلك، وعلى الرغم من أن اقتراح حماس بعيد كل البعد عن المطالب الإسرائيلية الضرورية، فإن إسرائيل سترسل وفد عمل إلى الوسطاء من أجل استنفاد إمكانية التوصل إلى اتفاق بشروط مقبولة لإسرائيل".
وقال الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي، بيني جانتس، إن اقتراح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماس "لا يتفق مع الحوار الذي أجرته (إسرائيل) مع الوسطاء حتى هذه اللحظة، وبه فجوات كبيرة (مقارنة مع مطالب إسرائيل)".
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن جانتس قوله إنه على الرغم من "المشاكل" المتعلقة بموقف حماس، فإن المفاوضين الإسرائيليين "يواصلون عملهم على مدار الساعة" و"لن يدخروا جهداً"، وذلك مع مغادرة وفد إلى القاهرة لمواصلة المحادثات هناك.
وكان البيت الأبيض قال في بيان، إن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد لنتنياهو، خلال اتصال هاتفي، موقفه "الواضح" بشأن رفح، وذلك بعدما طلب الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين إخلاء جزء من شرق المدينة، استعداداً لعملية عسكرية في المنطقة.
وتؤكد إدارة بايدن باستمرار معارضتها لأي اجتياح كبير وواسع النطاق لرفح، من دون خطة واضحة لإجلاء أكثر من 1.5 مليون نازح فلسطيني من المدينة الواقعة جنوب غزة.
وذكر بيان البيت الأبيض، أن نتنياهو وافق على فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول المساعدات الإنسانية، وذلك بعد إغلاقه، الأحد.
موقف حماس والجهاد
وقالت حركة "حماس" في بيان، إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، والأمين العام لحركة "الجهاد" زياد النخالة أكدا خلال اتصال هاتفي أن الفصائل الفلسطينية لن تتراجع عن مطالبها التي تضمنها مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه "حماس".
وأضاف بيان حماس أن في مقدمة هذه المطالب "وقف إطلاق النار والانسحاب الشامل والتبادل المشرف (للأسرى)، والإعمار ورفع الحصار".
وذكر البيان أن هنية والنخالة بحثا "الإجراءات المطلوبة لضمان تنفيذ الاتفاق بعد أن اتخذت المقاومة قرارها المستند إلى الرؤية الواعية لتطورات الوضع الراهن على كافة المستويات".
جوتيريش يدعو للتوصل إلى هدنة
وقالت الأمم المتحدة، في بيان إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش، يشعر بقلق بالغ إزاء مؤشرات على أن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في رفح بجنوب قطاع غزة قد تكون "وشيكة".
وذكر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم جوتيريش: "نشهد بالفعل تحركات للسكان (في رفح)، العديد منهم في حالة إنسانية يائسة وقد تكرر نزوحهم. إنهم يبحثون عن الأمان الذي حُرموا منه مرات عديدة".
ودعا جوتيريش الحكومة الإسرائيلية وقيادة حركة "حماس" إلى بذل المزيد من الجهد لتوصل لاتفاق ووقف المعاناة الحالية في غزة.
وفي السياق ذاته، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن الأوامر الإسرائيلية بنقل الفلسطينيين من رفح "غير إنسانية"، و"تهدد بتعريضهم لمزيد من الخطر والبؤس".
وأضاف تورك في بيان: "لا يزال سكان غزة يتعرضون للقنابل والأمراض، بل والمجاعة. واليوم (الاثنين)، قيل لهم إنه يتعين عليهم الانتقال مرة أخرى مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح... هذا غير إنساني".