دبي-الشرق
لفترة طويلة حمل صاروخ "براهموس" BrahMos لقب أكثر الصواريخ فرط الصوتية المضادة للسفن "فتكاً" في العالم، وهو نتاج تعاون بين الهند وروسيا، لكنه يواجه العديد من التحديات للحفاظ على مكانته.
وأحدَثَ صاروخ BrahMos "تغييراً جذرياً" في مجال الصواريخ الموجهة فرط الصوتية، إذ رفع سقف المعايير عالياً بفضل سرعته البالغة 3 ماخ، ومداه الذي يصل إلى 450 كيلومتراً، بحسب موقع "EurAsian Times".
ويعد BrahMos أداة قوية في الحروب الحديثة، نظراً لتعدُّد استخداماته حيث يمكن إطلاقه من البر والبحر والجو، إضافة إلى دقته الفائقة، ما أعطاه الهيمنة في سوق مليء بالعديد من الخيارات دون سرعة الصوت.
وعلى الرغم من امتلاك روسيا صواريخ P-800 Oniks، والصين صواريخ YJ-12 فرط الصوتية، تبرز BrahMos باعتبارها المنافس الوحيد الذي استحوذ على اهتمام سوق الدفاع العالمي كصاروخ رائد مضاد للسفن.
ومع ذلك، يبدو أن المشهد يتغير، حيث دخلت العديد من الدول السباق لتطوير صواريخها فرط الصوتية المضادة للسفن، ما يشير إلى حقبة جديدة في تكنولوجيا الصواريخ.
منافس جديد
وأصبح هذا التحول واضحاً بشكل خاص عندما وقَّعت شركة Kongsberg النرويجية مؤخراً اتفاقية مع شركتَي Diehl Defense الألمانية، وMBDA Deutschland لتطوير الصاروخ الهجومي فرط الصوتي 3SM Tyrfing.
وتدمج هذه الشراكة، بقيادة Kongsberg، نقاط القوة لدى هذه الشركات، حيث تجمع عقوداً من الخبرة في تطوير الصواريخ لصنْع صاروخ هجومي فرط صوتي متقدم وطويل المدى، وقادر على المناورة.
وبينما لا تزال التفاصيل بشأن كيفية توجيه 3SM Tyfring إلى أهدافه أو حتى الطبيعة المحددة لهذه الأهداف غير واضحة، وصفت Kongsberg السلاح بأنه "صاروخ هجوم بحري" وليس صاروخاً مضاداً للسفن بشكل متخصص.
وعبَّرت الشركات المشاركة في برنامج 3SM Tyfring عن الثقة في إنتاج صاروخ هجومي بعيد المدى قادر على تحييد التهديدات المستقبلية.
وبمجرد تشغيله، سيتم استخدام صواريخ 3SM Tyfring بواسطة السفن النرويجية والألمانية لاستكمال ترسانة صواريخها البحرية الهجومية.
وعلى الرغم من عدم إصدار أي تفاصيل فنية أو بشأن أداء صواريخ 3SM، إلا أن المفهوم الفني الذي شاركته وزارة الدفاع النرويجية وشركة Kongsberg من قبل، يشير إلى أنها ستستخدم نظام دفع نفاث متطور يعمل بالوقود الصلب.
صاروخ كوريا الجنوبية الموجّه
وتعمل كوريا الجنوبية، وهي قوة مهيمنة جديدة نسبياً في سوق تصدير الأسلحة، على تعزيز وجودها في برامج الصواريخ فرط الصوتية.
وأعلن البلد الآسيوي عن خطط لتطوير صاروخ مضاد للسفن قادر على تحقيق سرعات فرط صوتية، ما يضيف بصورة أكبر إلى مجموعة الأسلحة المتقدمة في ترسانتها.
ويُطلق عليه اسم "الصاروخ الموجّه جواً المضاد للسفن 2"، ومن المتوقع أن يتمتع بقدرات متعددة، بما في ذلك الهجوم البري.
وسيوفر هذا الصاروخ فرط الصوتي، الذي يتم إطلاقه من الجو خيارين للرؤوس الحربية، ما يسمح بتخصيص المهمة بناء على المتطلبات التشغيلية.
وسيتضمن الباحث عن الصاروخ قدرات الترددات الراديوية (RF)، والتصوير بالأشعة تحت الحمراء (IIR)، والكهروضوئية (EO)، ما يمكّنه من الاستجابة بفعالية لمجموعة واسعة من المواقف والأهداف.
وتتمتع كوريا الجنوبية بخبرة كبيرة في تطوير صواريخ متعددة الاستخدامات، والتي ظهرت سابقاً في صواريخ مختلفة مثل Hyunmoo وL-SAM، وسيتميز "الصاروخ الموجه جواً المضاد للسفن 2" بنظام دفع نفاث داخلي، ما يوفر سرعة وقدرة محسَّنة على المناورة.
وعلى الرغم من أن الصاروخ أصغر مما كان متوقعاً، إذ انخفض قطره من 400 ملم إلى 350 ملم، فمن المتوقع أن يكون ذو تأثير قوي، كما يبلغ وزنه 940 كيلوجراماً وطوله نحو 6 أمتار، ويُعد بمثابة إضافة هائلة للقدرات العسكرية لكوريا الجنوبية.
وتقرر إجراء اختبار الإطلاق من مقاتلة FA-50 في عام 2025، ولا تزال التفاصيل المتعلقة بالإطار الزمني لإنتاج ونشر "الصاروخ الموجه جواً المضاد للسفن 2" غير واضحة حتى الآن.
صاروخ ASM-3 الياباني
وبالمقارنة مع محاولات كوريا الجنوبية، تحرز اليابان تقدماً هي الأخرى، وتضع نفسها بموقع الصدارة في الساحة التنافسية الخاصة بإنتاج صواريخ فرط صوتية مضادة للسفن.
وبدأت طوكيو في تطوير صاروخها فرط الصوتي المضاد للسفن ASM-3، في عام 2010، واكتسبت السبق في هذا الجانب الحاسم من الحروب الحديثة.
ويتميز ASM-3، وهو صاروخ مضاد للسفن يُطلق من الجو، بسرعات طيران فرط صوتية تتجاوز 3 ماخ بفضل محركه النفاث Integral Rocket Ramjet.
وعلى الرغم من الانتهاء من تطوير الصاروخ في عام 2017، إلا أن اليابان لم تنشره بعد.
ويعود التأخير إلى المخاوف المتعلقة بمداه المحدود البالغ 200 كيلومتر، والذي اعتُبر غير كافٍ لمواجهة قدرات الدفاع الجوي بعيدة المدى للبحرية الصينية بشكل فعال.
وظهرت تقارير في مارس 2019، تشير إلى خطط لتوسيع نطاق ASM-3 إلى 400 كيلومتر أو أكثر، وخصصت وزارة الدفاع اليابانية في ديسمبر من العام ذاته، نحو 10.3 مليار ين (ما يزيد قليلاً عن 64 مليون دولار بالسعر الحالي) في ميزانيتها لعام 2020 لتحديث الصاروخ.
وفي ديسمبر 2020، كشفت وزارة الدفاع اليابانية عن صاروخ ASM-3A، وهو نسخة بديلة من ASM-3 مجهزة بمدى أكبر، وأعلنت نيتها بدء الإنتاج الضخم مع ميزانية الدفاع لعام 2021.
كما تطور اليابان حالياً نسخة أخرى من ASM-3، المعروفة باسم ASM-3 Kai.
حمى الصواريخ فرط الصوتية
وأدّت التطورات الأخيرة في أنظمة الدفاع الجوي إلى ترجيح كفة الصواريخ فرط الصوتية على حساب صواريخ كروز التقليدية، والتي أصبحت أكثر عُرضة للاعتراض بسبب سرعاتها البطيئة.
وتُعتبر صواريخ كروز دون سرعة الصوت "مفضّلة" في الصراعات طويلة الأمد، نظراً لفعاليتها من حيث التكلفة وقدراتها بعيدة المدى.
ومع ذلك، فإن سرعاتها البطيئة الآن تشكل "عيباً كبيراً" في مواجهة أنظمة الدفاع الجوي الحديثة.
ومن ناحية أخرى، يرتفع الطلب على الصواريخ فرط الصوتية بشكل مطرد، وخاصة ضد أهداف عالية القيمة مثل الأصول البحرية.
وتوفر هذه الصواريخ، التي تتحرك بسرعات فرط صوتية، الحد الأدنى من وقت الاستجابة لأنظمة الدفاع الجوي للكشف والتتبع والاشتباك.
وعلى سبيل المثال، واجهت أوكرانيا منذ بداية الصراع مع روسيا في 2022، تحديات كبيرة في اعتراض الصواريخ فرط الصوتية من طراز Kh-22، حيث لم تنجح في إسقاط، ولو صاروخ واحد من هذا الطراز، على الرغم من الجهود المبذولة للتصدي لهذه الأسلحة.
وأقرَّت كييف نهاية العام الماضي، بأن القوات الروسية أطلقت نحو 300 صاروخ من طراز Kh-22، المعروف أيضاً باسم X-22، على أوكرانيا، ولكن لم يتم اعتراض أو إسقاط أي منها.
هل تهدد المنافسة المتزايدة شعبية BrahMos؟
ومن المتوقع أن يُشكّل ظهور عدد كبير من الصواريخ فرط الصوتية المضادة للسفن تهديداً لمكانة صاروخ BrahMos، خاصة في سوق التصدير.
وبالرغم من زيادة التنافس في سوق الصواريخ فرط الصوتية، إلّا أن BrahMos يمتلك العديد من العوامل التي يمكن أن تساعده على التخفيف من التهديدات المحتملة لطلبات التصدير الخاصة به.
وعزز BrahMos بالفعل مكانته كنظام صاروخي ذو قدرة استثنائية وقابل للتكيف، حثي يتمتع بسجل حافل بالأداء والاعتمادية من الدرجة الأولى.
كما يتمتع بالعديد من السمات المميزة، بما في ذلك سرعاته العالية، ومداه الكبير، ودقته.
وحصلت شركة BrahMos Aerospace على أول طلب تصدير للصاروخ من الفلبين في عام 2022، وبدأت عمليات التسليم مؤخراً.
وتجري حالياً مناقشات مع أكثر من 12 دولة في جنوب آسيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية بشأن الحصول على النظام الصاروخي، مع اقتراب إندونيسيا من توقيع عقد.
وعلاوة على ذلك، تعمل الهند حالياً على تطوير نسخة أكثر انسيابية وشبحية من الصاروخ، تحت اسم BrahMos NG.
ويرى خبراء عسكريون أن صاروخ BrahMos NG يستعد لتجاوز BrahMos الأصلي في أدائه التصديري، بسبب تكلفته المنخفضة وقابليته للتكيف مع منصات الإطلاق المختلفة.
وتجني شركة BrahMos أيضاً فوائد الشراكة الاستراتيجية القوية بين الهند وروسيا، والتي توفر دعماً كبيراً لجهودها في التطوير والإنتاج والتسويق.
ولم تحصل الهند إلا على عقد واحد حتى الآن، على الرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها نيوديلهي لبيع صاروخ BrahMos.
وتحتاج الهند إلى تكثيف مبادراتها الدبلوماسية لتأمين عقود إضافية، وتكريس BrahMos كمنتج يعمل على نطاق واسع قبل أن يكتسب منافسوها تعافياً في السوق.
تصنيفات
