دراسة: زراعة المحاصيل الملونة تساهم في مكافحة الحشائش الضارة

time reading iconدقائق القراءة - 6
نباتات متنوعة أمام منزل في العاصمة المغربية الرباط - Reuters
نباتات متنوعة أمام منزل في العاصمة المغربية الرباط - Reuters
القاهرة -محمد منصور

تظل مهمة إزالة الحشائش الضارة الشغل الشاغل لملايين المزارعين حول العالم، ولهذا الغرض يقترح علماء، في دراسة جديدة، أن تكون المحاصيل المهندسة وراثياً ملونة، أو ذات أوراق مختلفة الشكل، بحيث يمكن تمييزها بسهولة أكبر عن نظيراتها البرية والأعشاب.

ووفق الدراسة، التي نشرتها دورية Trends in Plant Science الشهرية، يستلزم هذا النهج المبتكر تعديل جينومات المحاصيل للتعبير عن الأصباغ الشائعة في النباتات، مثل الأنثوسيانين (المسؤول عن اللون الأزرق في التوت الأزرق)، أو الكاروتينات (التي تعطي الجزر لونه البرتقالي).

ويقول العلماء إن التعديلات ستجعل المحاصيل ذات ألوان نابضة بالحياة، أو أوراق ذات شكل فريد، مما يسهل التعرف عليها وسط حقل متنوع.

ومن خلال تنفيذ هذه التعديلات الجينية، يمكن تدريب روبوتات إزالة الأعشاب الضارة من خلال خوارزميات التعلم الآلي؛ لإزالة الأعشاب الضارة، بشكل انتقائي، مع الحفاظ على المحاصيل المزروعة.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة مايكل بالمجرين، وهو باحث في جامعة كوبنهاجن الدنماركية، إن المزارعين في حاجة إلى اتباع نهج مبتكر للتعرف على الحشائش الضارة، وإدارتها في البيئات الزراعية. 

وأضاف: "نقترح في الدراسة الاستفادة من تقنيات تحرير الجينات لإدخال سمات محددة في المحاصيل المستأنسة حديثاً، وتعزيز تميزها البصري للتعرف عليها من خلال إزالة الأعشاب الضارة بواسطة الروبوتات المدربة باستخدام خوارزميات التعلم الآلي".

وتهدف هذه الاستراتيجية المستدامة إلى التمييز الفعال بين المحاصيل المزروعة، ونظائرها البرية في الحقل، مما يقلل من المنافسة، وخسائر الإنتاجية المحتملة المرتبطة بوجود الأعشاب الضارة.

ممارسات مكافحة الحشائش

ومن خلال تسخير التآزر بين تحرير الجينوم، والذكاء الاصطناعي، قال بالمجرين إنه "يتصور حدوث نقلة نوعية في ممارسات مكافحة الحشائش".

ولا يقتصر هذا النهج على المحاصيل المستأنسة الجديدة، ولكنه يبشر بتعزيز التعرف على الحشائش الضارة في المحاصيل المزروعة بالفعل كذلك، كما يشير البحث إلى ضرورة الدمج بين إمكانيات التكنولوجيا الحيوية، والروبوتات المتقدمة لمواجهة التحديات الملحة في الزراعة الحديثة.

وقام البشر بتدجين المحاصيل على مدار آلاف السنين من خلال الاختيار الدقيق والتكاثر، وبفضل علم الوراثة، أصبح العلماء يعرفون الآن العديد من الجينات المسؤولة عن السمات المرغوبة التي اختارها أسلافنا، مما يعني أنه يمكن تدجين المحاصيل الجديدة بسرعة أكبر بكثير باستخدام تقنيات الهندسة الحيوية، مثل: تحرير الجينات لتغيير أو إدخال هذه الصفات في النباتات البرية.

ونظراً لأن العديد من النباتات البرية أكثر قدرة على تحمل الضغوطات البيئية من أنواع المحاصيل الموجودة، فقد يساعد ذلك أيضاً في إنشاء محاصيل أكثر قدرة على مقاومة تغير المناخ.

محاصيل مستدامة

ويعتقد الباحثون أن الهدف النهائي، هو زراعة مجموعة جديدة من المحاصيل المستدامة بيئياً، وعالية الإنتاجية، مع الحفاظ على ممارسات زراعية صديقة للبيئة.

وتشبه المحاصيل نظيراتها البرية، مما قد يجعل عملية إزالة الأعشاب الضارة أمراً صعباً، ويتمثل أحد الخيارات في إدخال جينات مقاومة لمبيدات الأعشاب في المحاصيل المزروعة، ثم استخدام مبيدات الأعشاب لقتل الأعشاب الضارة.

وبدلاً من ذلك، يقترح الباحثون في هذه الدراسة دمج الهندسة الوراثية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لإنشاء نباتات محاصيل جديدة مميزة بصرياً، والتي يمكن لآلات إزالة الأعشاب الضارة الروبوتية تمييزها بسهولة عن الحشائش الضارة.

ويقول الباحثون إن التمييز بين هذه المحاصيل الجديدة، والنباتات البرية الأقل إنتاجية، والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً يمكن أن يمثل تحديات هائلة لمكافحة الحشائش، وبالتالي فإن استخدام تقنيات تحرير الجينات لتعزيز التعرف البصري عليها عن طريق إزالة الأعشاب الضارة من الروبوتات، يمكن أن يعالج هذه المشكلة بشكل فعال.

وبدلاً من إدخال جينات غير نباتية إلى المحاصيل الجديدة، يقترح الباحثون تغيير جينومات النباتات بحيث تعبر عن الأصباغ التي تنتجها العديد من النباتات بالفعل. على سبيل المثال، الأنثوسيانين، المسؤولة عن اللون الأحمر والأرجواني والأصفر، والصباغ الأزرق، والكاروتينات المسؤولة عن الألوان الصفراء والبرتقالية والحمراء لأجزاء النبات المختلفة بما في ذلك الجزر، والفلفل، والأوراق، حيث إنها مهمة لعملية التمثيل الضوئي.

ويرى الباحثون أن تعديل هذه الجينات المحورية من شأنه أن يعزز، بشكل كبير، دقة التمييز بين المحاصيل المستأنسة حديثاً، ونظيراتها البرية.

بالإضافة إلى تمكين التمييز البصري، يمكن أن يكون لهذه الأصباغ فوائد إضافية لصحة النبات والإنسان؛ إذ يرتبط تراكم الأنثوسيانين في النباتات بمقاومة أكبر للأمراض العاشبة، والأمراض الفطرية، والالتهابات البكتيرية، وسمية المعادن الثقيلة، والضغوط البيئية الأخرى، في حين أن الكاروتينات هي مصدر لفيتامين (أ) في النظام الغذائي البشري.

تطبيقات عملية في الزراعة

وبسبب هذه السمات المفيدة، لا تقدم النباتات الغنية بالأنثوسيانين طريقة مباشرة لتمييز المحاصيل المستأنسة عن الأعشاب الضارة فحسب، بل تبشر أيضاً بالخير لتطبيقات عملية في الزراعة.

يتمثل الخيار البديل في تغيير بنية أوراق المحاصيل الجديدة لجعلها أكثر، أو أقل تعقيداً من نظيراتها البرية، على سبيل المثال عن طريق إحداث طفرات في الجينات التي تضيف، أو تزيل فصوص الأوراق، ولتسهيل فرز البذور بعد الحصاد، يمكن إنشاء محاصيل جديدة، بحيث يكون لها لون، أو شكل بذور مختلف.

ويقول الباحثون إن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفحص ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤثر في حيوية المحاصيل وإنتاجيته، فعلى سبيل المثال، يجب اختبار ما إذا كانت هذه الأصباغ تتداخل مع عملية التمثيل الضوئي، أو مرونة النبات.

كما أن هناك حاجة أيضاً إلى دراسات إضافية لتحسين تقنيات الاستشعار عن بعد، والتحقيق في أفضل الطرق لتدريب روبوتات إزالة الأعشاب الضارة على التعرف على السمات الجديدة للمحاصيل.

تصنيفات

قصص قد تهمك