إدراك البشر للوقت يتأثر بخصائص الصورة

time reading iconدقائق القراءة - 4
سيدة تعمل ضمن فريق للتحضير لمعرض للفنون والتحف في بلدة ماسترخت بهولندا. 6 مارس 2024 - AFP
سيدة تعمل ضمن فريق للتحضير لمعرض للفنون والتحف في بلدة ماسترخت بهولندا. 6 مارس 2024 - AFP
باريس-أ ف ب

تؤثر خصائص معينة للصورة على إدراك الوقت لدى البشر الذين ينظرون إليها، وفقاً لدراسة علمية نُشرت في مجلة "نيتشر"، تشير أيضاً إلى وجود صلة بالقدرة على حفظ مشهد ما.

وأوضح مارتن وينر، من قسم علم النفس بجامعة جورج ماسون الأميركية، خلال مؤتمر صحافي، أن "دراسات كثيرة أجريت خلال الأعوام العشرين الأخيرة تُظهر أن الوقت يبدو مرتبطاً بشكل جوهري بخصائص حسية".

وبيّنت الدراسة، التي أجراها مختبره، أن حلقات بصرية تؤثر كلياً أو جزئياً في التصور عن الوقت الذي يقضيه الشخص في النظر إلى شيء ما، وثمة عوامل عدة تؤدي دوراً في ذلك، من بينها حجم المشهد ومدى فوضويته، وأيضاً ما إذا كان يرسخ في الذاكرة قليلاً أو كثيراً.

وعرض الباحثون في البداية على مجموعة من الأشخاص سلسلة من الصور لمشاهد تجمع بين عوامل الحجم والفوضى، من بينها غرفة فارغة أو مليئة بالأشياء، وملعب كرة قدم خالٍ من المتفرجين، وشارع تسوُّق طويل يفيض بالأكشاك.

وبعد عرض كل صورة لوقت متغيّر يراوح من ثلث ثانية إلى تسعة أعشار من الثانية، كان على الشخص أن يُقدّر بسرعة ما إذا كان وقت عرض الصورة "قصيراً" أو "طويلاً".

وقال وينر: "وجدنا أن حجم المشهد وفوضاه دفعا تصوّر الوقت في اتجاهين متعاكسين"، فكلما كان حجم المشهد المعروض أكبر، كان لدى الشخص انطباع بأنه نظر إليه لفترة أطول، وفي المقابل، بقدر ما تكون الأشياء فوضوية، يشعر المراقب بأن الوقت قصير.

وتذهب الدراسة إلى أبعد من ذلك من خلال إنشاء صلة بين تصوّر الوقت، وقابلية المشهد للرسوخ في الذاكرة، أي مدى طابعه الذي لا يُنسى.

واستخدم الباحثون قاعدة بيانات صور هي "لاميم" LaMem، التي أنشأها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وتضم 60 ألف صورة تتفاوت درجة القابلية لتذكّرها، ومنها صورة منظر طبيعي عادي تظهر فيه تلال في الأفق، وسماء بلا لون من جهة، ومن جهة أخرى صورة دُمْية ملونة جداً.

الإدراك المصطنع للزمن

ومن خلال عرض الصور على مجموعة أخرى من المراقبين، وجد الباحثون، بحسب وينر، أن الصور الأكثر رسوخاً في الذاكرة توحي لمن يشاهدها أنه نظر إليها لوقت طويل.

وكان الباحثون يعرفون أصلاً أن الأشخاص يتذكرون بشكل أفضل الصورة المعروضة لفترة أطول، إلا أن الدراسة التي نشرتها مجلة "نيتشر" أظهرت للمرة الأولى أن هذا ينطبق أيضاً على الصور التي تُعرَض لوقت يشعر الشخص على نحو ذاتي غير موضوعي بأنه "أطول"، وفقاً للباحث.

واستخدم فريق وينر نموذجاً حاسوبياً لتصنيف الصور، يأخذ في الاعتبار عامل الوقت، ويقوم بالمهمة نفسها التي طُلبت من الأشخاص المشمولين بالاختبار. وأكد هذا النموذج أن الصور الأكثر رسوخاً في الذاكرة تُعالَج بسرعة وكفاءة أكبر بواسطة النظام البصري.

بمعنى آخر، عندما ينظر المرء إلى شيء يهمه "يوسّع تصوّره للوقت ليكتسب المزيد من المعلومات"، وبالتالي ليتذكره بشكل أفضل، بحسب وينر.

آليات أخرى لتصور الزمن

وهذا التأثير، الذي درَّسه قسمه لعلم النفس، لا يستبعد الآليات الأخرى لتصوّر الزمن لدى الفرد، كتلك الناتجة عن الصوت الذي يعالجه الدماغ بسرعة أكبر من البصر، وعن لون الجسم، إذ إن اللون الأحمر يغيّر تصوّر الوقت أكثر من اللون الأزرق.

وتضاف إلى ذلك، المشاعر، كالتوتر، التي تجعل "الوقت يبدو وكأنه يطول بالنسبة لشخص متحمس جداً"، كذلك كلما طال انتظار الشخص لشيء ما، يبدو الوقت أطول.

وتحظى هذه الدراسة في الدرجة الأولى باهتمام أوساط الذكاء الاصطناعي، وفقاً لـ"وينر"، في إطار سعيهم للتوصل إلى أنظمة يمكنها "التفاعل بشكل أفضل مع البشر".

ومن شأن فهم كيف "يصنع" البشر تصوّرهم للوقت، تحقيق منافع تستفيد منها الأبحاث الطبية، كتلك التي تتناول مثلاً سبب تأثُّر إدراك الوقت في حالات مثل مرض باركنسون، أو الفصام.

تصنيفات

قصص قد تهمك