كيف تعيش الطحالب داخل المياه المتجمدة؟

time reading iconدقائق القراءة - 4
طحالب سامة في بحيرة أغلقتها السلطات الألمانية في ترويسدورف. 5 سبتمبر 2023 - REUTERS
طحالب سامة في بحيرة أغلقتها السلطات الألمانية في ترويسدورف. 5 سبتمبر 2023 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

خلال فصل الشتاء الذي يمتد من مارس إلى أكتوبر، تتجمد المياه المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية، وحين يحدث ذلك تخلق الأملاح الموجودة في الماء جيوباً داخل الجليد، تعيش داخلها الطحالب القطبية. لكن، كيف لا تتجمد الطحالب؟

تكشف نتائج دراسة جديدة منشورة في دورية الجمعية الدولية لعلم البيئة الميكروبية عن الكيفية التي تتعامل بها الطحالب وحيدة الخلية مع بيئاتها المتجمدة والمتقلبة، إذ تُشير إلى أن تلك الكائنات تفرز مواداً لحماية نفسها من البرد تُشبه مضادات التجمد، تمنع السائل الخلوي من التبلور في فترة الشتاء.

وخلال الصيف تتوقف الطحالب عن إفراز تلك المواد، وفي الفترة نفسها يذوب الجليد وترتفع ملوحة المياه نتيجة ذوبان الأملاح، وفي هذه الحالة ولكي تحمي نفسها من الانفجار، تُغير الطحالب تركيز الجزيئات العضوية، وتوازن الظروف داخل الخلية وخارجها لتتمكن من العيش داخل المياه الأكثر ملوحة.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن التغيرات قصيرة المدى في درجات الحرارة والملوحة لا تؤثر على الطحالب التي تستطيع الاستجابة بسرعة وتعديل إفراز المواد الواقية من التجمد في استجابة متّسقة للظروف المتغيرة.

وتُوفر الدراسة القياسات الأولى لكيفية تكيّف طحالب الجليد البحري وغيرها من الكائنات الحية وحيدة الخلية مع هذه الإيقاعات الموسمية، ما يوفر أدلة على ما قد يحدث مع تغير هذه البيئة في ظل تغير المناخ.

ولا يعرف العلماء سوى القليل جداً عن كيفية استجابة ميكروبات الجليد البحري للتغيرات في الملوحة ودرجة الحرارة، فقبل الدراسة، لم يكن من المعروف تقريباً طبيعة الجزيئات التي تنتجها وتستخدمها الطحالب في التفاعلات الكيميائية للبقاء على قيد الحياة، والتي تُعتبر مهمة لدعم الكائنات الحية العليا في النظام البيئي وكذلك للتأثيرات المناخية، مثل تخزين الكربون وتكوين السحاب.

وتلعب المحيطات القطبية دوراً مهماً في تيارات المحيطات العالمية ودعم النظم البيئية البحرية. وتشكل الميكروبات قاعدة الشبكة الغذائية، وتدعم أشكال الحياة الأكبر.

وقال كبير الباحثين في الدراسة جودي يونج الأستاذ المساعد في علم المحيطات بجامعة ويسكونسن في الولايات المتحدة، إن المحيطات القطبية تُشكل جزءاً كبيراً من محيطات العالم: "هذه المياه تدعم أسراباً كبيرة من الكريل، والحيتان التي تأتي لتتغذى على تلك الكريل، كما تدعم أيضاً الدببة القطبية أو طيور البطريق".

وبداية هذا النظام البيئي بأكمله هي تلك الطحالب المجهرية وحيدة الخلية. ونحن لا نعرف سوى القليل عنهم.

وتُعتبر الكائنات الحية الصغيرة مهمة أيضاً لدراسة التغيرات المناخية، لأنها تؤدي عملية التمثيل الضوئي وتمتص الكربون من الغلاف الجوي.

كما أن الطحالب القطبية جيدة بشكل خاص في إنتاج الجزيئات التي تحتوي على الكبريت والتي تمنح الشواطئ رائحتها المميزة، وعندما ترتفع في الهواء مع رذاذ البحر، فإنها تُعزز تكوين السحب التي يمكن أن تقلل من تغلغل الأشعة الشمسية.

ووصل الجليد البحري في القطب الجنوبي، على الرغم من استقراره لفترة طويلة، إلى أدنى مستوى له على الإطلاق هذا العام.

وفي محيطات أخرى، يمكن لأجهزة الأقمار الصناعية التقاط ازدهار العوالق النباتية الموسمية من الفضاء، لكن هذا غير ممكن بالنسبة للميكروبات المختبئة تحت الجليد البحري.

وتُمثل زيارة مياه القطب الجنوبي تحدياً خاصاً، ما لا يترك للباحثين أي قياسات تقريباً في فصل الشتاء.

وتُوفر دراسة الدورة الموسمية في الطحالب الجليدية البحرية بالقطب الجنوبي، أمراً بالغ الأهمية لفهم النظام البيئي القطبي، واستجابته للتغيرات البيئية، وآثارها الأوسع على المناخ، والتنوع البيولوجي، ودورة الكربون.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات