واشنطن ترصد تحركات عسكرية في إيران استعداداً لـ"هجوم محتمل".. وإسرائيل تتأهب

تقديرات استخباراتية بـ"انتقام إيراني مدروس".. واتصالات دبلوماسية للتهدئة

time reading iconدقائق القراءة - 11
علم إيران فوق قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق في أعقاب قصف إسرائيلي. 1 أبريل 2024 - REUTERS
علم إيران فوق قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق في أعقاب قصف إسرائيلي. 1 أبريل 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

رصدت الولايات المتحدة تحريك إيران مُسيرات وصواريخ كروز، في إطار استعدادها لـ"هجوم محتمل" على إسرائيل من داخل أراضيها، وذلك رداً على استهداف قنصلية طهران في دمشق في الأول من أبريل الجاري، حسبما نقلت شبكة CNN الأميركية، عن مصادر استخباراتية، فيما تتعهد واشنطن باعتراض أي أسلحة تُطلق باتجاه إسرائيل، ووسط مساعٍ دولية لتهدئة الأوضاع.

والرد الإيراني المتوقع قريباً، بحسب معلومات استخباراتية أميركية، يأتي بعدما استهدفت إسرائيل مطلع الشهر الجاري مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، وأسفر عنها سقوط 7 مسؤولين، أبرزهم محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس الإيراني في سوريا ولبنان، إضافة لستة مسؤولين آخرين.

وتهدد الضربة الإيرانية بإشعال المنطقة، وزيادة التوترات وتحويل "حرب الظل" المستمرة منذ فترة طويلة بين الأعداء الإقليميين إلى مواجهة مباشرة، إذ تأتي في وقت تتعرض فيه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لضغوط دولية متزايدة لإنهاء حملتها العسكرية على قطاع غزة، التي أودت بحياة أكثر من 33 ألف فلسطيني.

وبحسب تقديرات الاستخبارات الأميركية، فإن "الإيرانيين يريدون تجنب التورط في حرب مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن طهران ستستخدم قواتها بالوكالة لشن الهجوم الأول".

وقالت مصادر للشبكة الأميركية، إن الولايات المتحدة "لاحظت أن إيران تقوم بتجهيز ما يصل إلى 100 صاروخ كروز"، مشيرة إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانت تستعد لتوجيه ضربة من أراضيها كجزء من هجوم أولي، أو ما إذا كانت تحاول ردع إسرائيل أو الولايات المتحدة عن توجيه ضربة مضادة محتملة لأراضيها، لكن مصدراً مطلعاً رجح أن تكون الأهداف "داخل إسرائيل، وفي جميع أنحاء المنطقة".

وتتوقع الولايات المتحدة، أن تنفذ إيران ضربات ضد أهداف متعددة داخل إسرائيل، وفي جميع أنحاء المنطقة، إضافة إلى مشاركة وكلاء إيران، وسط تحركات دبلوماسية لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط.

واشنطن تتأهب وإسرائيل تستعد

واستعدت إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين عززتا وجودهما العسكري في المنطقة لردع إيران ووكلائها، لشن هجمات على مواقع عسكرية في المناطق الحدودية في شمال إسرائيل، حيث تم بالفعل إجلاء معظم السكان المدنيين، بحسب ما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز".

وقد قامت إسرائيل بالفعل بزيادة عدد الأفراد والعتاد في منظومة الدفاع الجوي الخاصة بها، والتي تتضمن القبة الحديدية لإسقاط الصواريخ منخفضة المدى، وأنظمة مثل David’s Sling وArrow، المصممة للحماية من الصواريخ الباليستية طويلة المدى، فيما تم إلغاء الإجازات الممنوحة لجميع القوات القتالية الإسرائيلية.

بدورها، سارعت الولايات المتحدة إلى تحريك سفنها الحربية إلى مواقعها لحماية إسرائيل وقواتها في المنطقة، على أمل تجنب هجوم وشيك في غضون نهاية الأسبوع (السبت والأحد) من إيران.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن التحركات التي اتخذتها واشنطن، والتي تعد جزءاً من محاولة تجنب صراع أوسع في الشرق الأوسط، جاءت بعد تحذير من شخص مطلع على الأمر، بشأن توقيت وموقع الهجوم الإيراني المحتمل.

وأوضح المسؤولون أن التحركات شملت إعادة تموضع مدمرتين، إحداهما كانت موجودة بالفعل في المنطقة والأخرى تم إعادة توجيهها إلى هناك، لافتين إلى أن واحدة على الأقل من السفن، تحمل نظام الدفاع الصاروخي "إيجيس".

وصرح مسؤولان أميركيان لشبكة CNN، أن الولايات المتحدة ستحاول اعتراض أي أسلحة يتم إطلاقها على إسرائيل، إذا كان ذلك ممكناً، في إشارة إلى مستوى التعاون المستمر بين الجيشين قبل الهجوم المتوقع.

وسبق أن اعترضت البحرية الأميركية في البحر الأحمر، صواريخ بعيدة المدى أطلقها الحوثيون في اليمن باتجاه إسرائيل، ومن الممكن أيضاً أن تعترض المسيرات والصواريخ التي قد تطلق من العراق وسوريا والتي تستهدف شمال إسرائيل، وذلك اعتماداً على الموقع الذي يتم إطلاقها منه.

وفي الإطار، ناقش رئيس القيادة المركزية الأميركية، الجنرال إريك كوريلا، الهجوم الإيراني المحتمل مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في إسرائيل، الجمعة. 

وقال جالانت، بحسب ما نقلت عنه وزارة الدفاع الإسرائيلية: "مستعدون للدفاع عن أنفسنا على الأرض وفي الجو، بالتعاون الوثيق مع شركائنا، وسنعرف كيف نرد".

وعندما سُئل الرئيس الأميركي جو بايدن عن الموعد المحتمل لشن ضربة إيرانية على إسرائيل، قال: "توقعاتي عاجلة وليست آجلة"، ورداً على سؤال عما إذا كانت لديه رسالة لإيران، قال بايدن: "لا تفعل ذلك (أي لا تشن الضربة)".

وأضاف: "ملتزمون بالدفاع عن إسرائيل وسندعمها. إيران لن تنجح". وتطلب واشنطن من إسرائيل أن تدرس بعناية ردها على أي هجوم إيراني، وأن تضع في اعتبارها احتمال أن يؤدي ذلك إلى "مزيد من التصعيد".

أما في الداخل الإسرائيلي، فقد التقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مع مسؤولين أمنيين كبار، من بينهم جالانت، لمناقشة استعداد إسرائيل للرد الإيراني.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، إن "قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، المكلفة بإعداد الجمهور للكوارث والصراع، لم تصدر أي تغييرات على تعليمات الطوارئ".

إيران تبحث "انتقاماً مدروساً" 

طهران بدورها، أشارت سابقاً إلى أن الرد سيتم تصميمه لتجنب تصعيد الصراع، وسط موجة من الدعوات الدبلوماسية للتهدئة، إذ قالت إلى حلفائها والدول الغربية بأنها سترد على الغارة إسرائيلية على قنصليتها في دمشق "بطريقة محسوبة، لإبعاد احتمالات صراع إقليمي شامل".

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مصادر مطلعة قولها، إن المكالمات الدبلوماسية التي جرت بين إيران وحلفائها الإقليميين والعواصم الأوروبية هذا الأسبوع، دفعت بعض المسؤولين الغربيين على الأقل إلى استنتاج أن إيران تستعد لرد "يهدف إلى إظهار قوة الردع وضبط النفس".

وقال مسؤول غربي مطلع على اتصالات إيران مع حلفائها الإقليميين، إنه "من الممكن أن تنشر إيران قدرة صاروخية جديدة لأول مرة، ما يدل على براعة تقنية وقدرة على معاقبة إسرائيل".

ولفت المسؤول إلى أنه حتى الهجوم المباشر على الأراضي الإسرائيلية "من المحتمل أن يكون مدروساً بطريقة تظهر رداً قوياً، دون إثارة انتقام إسرائيلي يؤدي إلى تدمير الأصول الإيرانية في لبنان وسوريا"، في حين حذر من إمكانية وقوع إيران في "سوء تقدير يُحدث خطأ في الحسابات".

ولفت إلى وجود عدة عوامل قد تمنع إيران من محاولة ضرب بعثة دبلوماسية إسرائيلية، قائلاً: "لا تستطيع طهران المخاطرة بمزيد من العزلة الدولية من خلال ضرب أهداف دبلوماسية إسرائيلية في دولة صديقة، ولا يمكنها بسهولة استهداف الأصول الدبلوماسية الإسرائيلية في دول غير صديقة".

ونشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، الجمعة، قائمة بالطائرات الإيرانية المسيرة، والتي قالت إنها يمكن أن تقطع مسافة 1600 كيلومتر من طهران إلى تل أبيب.

"حالة من عدم اليقين"

وقال أحد المصادر للصحيفة البريطانية، إن النظام الإيراني "مستعد لانتظار الوقت المناسب لتعظيم التأثير السياسي للرد النهائي"، مشيراً إلى أن إيران "تسعى عمداً إلى إنهاك إسرائيل، سواء من خلال خلق حالة من عدم اليقين النفسي وإجبارها على البقاء في حالة تأهب قصوى".

وأضاف أن إيران ستستخدم مجموعة من الخيارات في هجماتها ضد إسرائيل، ما أدى إلى خلق شعور بـ"القلق" في إسرائيل، حيث حذرت حكومة تل أبيب مواطنيها، من تخزين المولدات والإمدادات الأساسية، في سياق الدعوة إلى عدم القلق وضبط النفس.

وفي هذا الصدد، قالت "وول ستريت جورنال"، إن حسابات مرتبطة بالحرس الثوري على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت صوراً حول الهجوم المحتمل على إسرائيل.

وتضمنت المنشورات التي تمت مشاركتها على نطاق واسع، صوراً عبر الأقمار الاصطناعية لمواقع بارزة في إسرائيل، مثل مطار بن جوريون، المحاط بطائرات بدون طيار هجومية إيرانية.

وجاء في إحدى المنشورات، التي نشرتها العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية باللغة العبرية: "ما هو المكان الذي تفضله؟ الخيار بين أيديكم"، وتضمن منشور آخر مقطع فيديو يظهر صاروخاً إيرانياً تفوق سرعته سرعة الصوت مع تعليق: "5 دقائق إلى حيفا وتل أبيب".

وقال دبلوماسيون غربيون، إن إسرائيل "قد تكون قادرة على التسامح" مع هجوم لا يلحق سوى بعض الأضرار المادية بالمنشآت العسكرية، ولكن إذا قُتل مدنيون أو عسكريون، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل إسرائيلي أوسع.

وقد هدد كبار المسؤولين الإسرائيليين بالرد، ليس دفاعياً فحسب، بل بشكل هجومي ويشمل ذلك ضرب إيران مباشرة، إذا تم استهداف إسرائيل من الأراضي الإيرانية.

اتصالات دبلوماسية

ولمحاولة احتواء التوترات، قال مسؤولون أميركيون وبريطانيون، الجمعة، إن واشنطن، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع طهران، شجعت حلفائها الأوروبيين والشرق أوسطيين على الضغط على إيران، حتى لا تهاجم إسرائيل.

واتصل وزيرا خارجية ألمانيا وبريطانيا أنالينا بيربوك، وديفيد كاميرون، بنظيرهما الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ليطلبا من طهران عدم مهاجمة إسرائيل.

وأجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، سلسلة من المكالمات مع نظرائه الأجانب، وقال بيان للناطق باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، إن كبير الدبلوماسيين الأميركيين تحدث مع وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي.

وقال مسؤولون إن السعودية وقطر، حليفتي الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، نقلتا الرسالة نفسها إلى إيران. 

وسحبت فرنسا أفراد عائلات موظفيها الدبلوماسيين من طهران، ونصحت مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى إيران أو لبنان أو إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية في الأيام المقبلة، كما حظرت بعثات المسؤولين الفرنسيين إلى تلك الدول.

وقالت السفارة الأميركية في إسرائيل، إن موظفيها وأفراد أسرهم سيتم منعهم من السفر الشخصي خارج وسط إسرائيل والقدس وبئر السبع حتى إشعار آخر، كما مددت شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" تعليق رحلاتها إلى طهران، بسبب الأوضاع في الشرق الأوسط، حتى الخميس المقبل.

تصنيفات

قصص قد تهمك