تكتيكات خداع ووثيقة تأمين أميركية.. هكذا صدرّت إيران النفط رغم العقوبات

27 ناقلة تنفذ 59 رحلة بقيمة 2.8 مليار دولار خلال 2023

time reading iconدقائق القراءة - 7
ناقلة نفط إيرانية بيعت لفنزويلا متواجدة في ساحل بوشهر الإيراني، 15 يونيو 2022 - via REUTERS
ناقلة نفط إيرانية بيعت لفنزويلا متواجدة في ساحل بوشهر الإيراني، 15 يونيو 2022 - via REUTERS
دبي-الشرق

فشلت العقوبات الأميركية في إيقاف تصدير النفط الإيراني خلال عام 2023، إذ جرى نقله عبر 27 سفينة، باستخدام شركة تأمين أميركية، ما يكشف عن فجوة كبيرة في إجراءات الرقابة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وعملت الإدارة الأميركية على تقييد عائدات النفط الإيرانية، بسبب ما تعتبره "دعم طهران للمليشيات المسلحة التي تستهدف القوات الأميركية والحلفاء في الشرق الأوسط".

وأفادت "نيويورك تايمز"، بأنه تم نقل هذا النفط باستخدام "تأمين المسؤولية" من شركة يقع مقرها في الولايات المتحدة، وهذا التأمين غالباً ما يكون شرطاً للناقلات لتنفيذ أعمال تجارية.

ويهدف هذا التأمين إلى حماية الملاك والعاملين على السفينة من التبعات المالية الناتجة عن الحوادث أو الأضرار التي ربما تلحق بالغير أثناء العمليات البحرية. 

واعتبرت الصحيفة، أن السلطات الأميركية كان بإمكانها تعطيل نقل النفط من خلال تقديم المشورة لشركة التأمين (American Club) ومقرها نيويورك، بإلغاء التغطية التأمينية.  

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين، للكونجرس إن فرقها "تبذل كل ما في وسعها لاتخاذ إجراءات صارمة" ضد الشحنات غير القانونية، كما شدد مستشار كبير في البيت الأبيض على أن "العقوبات القاسية" عطلت فعلياً قطاع الطاقة الإيراني. 

تكتيكات خفية

وعلى عكس ذلك، تمكنت الناقلات الـ27 من نقل الشحنات على الأقل في 59 رحلة منذ عام 2023، حسبما كشفت الصحيفة، مشيرة إلى أن نصف السفن نقلت النفط في رحلات متعددة. 

وأظهرت الناقلات علامات على وجود مشكلات اعتبرها خبراء الصناعة ووزارة الخزانة، أنها كانت تتطلب مزيداً من التدقيق بشكل جماعي.

"شركات وهمية"

ومن بين العلامات التي تنذر بوجود مشكلات هي أن بعض الناقلات مملوكة لشركات وهمية، كما أنها أقدم من متوسط عمر السفن الأخرى في هذه الصناعة، وتستخدم تكتيك "التخفي" لتجنب رصد موقعها أو تحركاتها.  

ومن غير الواضح من الذي تعتبره الحكومة الأميركية مسؤولاً في المقام الأول عن تحديد الناقلات المشبوهة.

وتتكلف وزارة الخزانة بإدارة العقوبات من خلال التحقيق مع الأفراد أو الشركات المشاركة في أنشطة غير مشروعة وإدراجها على القائمة السوداء، لكنها تضع بعض العبء على شركات التأمين لمراقبة السلوك المشبوه من خلال الإصدار المنتظم للتحذيرات والتنبيهات. 

ولتحديد شحنات النفط المصدرة من إيران، أنشأت "نيويورك تايمز" قاعدة بيانات تضم آلاف الناقلات ومواقع تواجدها باستخدام البيانات البحرية والصور الفضائية، وقارنت مسارات الرحلة للسفن التي أظهرت تصرفات غير عادية مع المعلومات المقدمة من قِبل المؤسس المشارك لشركة TankerTrackers.com، سمير مدني، وهي شركة تراقب شحن النفط، وقدمت SynMax وPole Star، وهما شركتان أخريان تراقبان الشحن، بيانات إضافية. 

وفي نهاية يناير، وبعد عدة أسابيع من الإشارة إلى American Club في جلسة استماع بالكونجرس بعنوان "تقييد إيرادات الدولة المارقة"، انقطعت التغطية التأمينية فجأة عن العديد من الناقلات التي حددتها الصحيفة. 

وقالت الشركة إن التوقيفات كانت نتيجة تحقيقاتها الداخلية، ولا تزال 5 سفن مؤمن عليها في الشركة، وفقاً للبيانات المدرجة على موقعها على الإنترنت، لكن الشركة قالت إنها لا تزال تحقق بشأن تلك السفن. 

ورداً على المعلومات التي كشفت عنها الصحيفة، قال متحدث باسم وزارة الخزانة، في بيان: "لا تزال وزارة الخزانة تركز على استهداف مصادر التمويل غير المشروع لإيران، بما في ذلك كشف شبكات التهريب وتعطيل مليارات الدولارات من الإيرادات". 

وأضاف أن الوزارة اتخذت خلال الشهر الجاري، إجراءات ضد ما سمته شركة وهمية مقرها هونج كونج، قال مسؤولون أميركيون إنها كانت تمول الحرس الثوري الإيراني. 

وأفادت الصحيفة بأن التأمين الذي تقدمه شركات مثل American Club هو عامل رئيسي في قدرة السفن على نقل النفط، حتى أن الخبراء في هذه الصناعة يصفونه بأنه "تذكرة التجارة" للسفن.

شركة تأمين أميركية وراء نجاح طهران

وتصر معظم الموانئ الرئيسية على أن تقدم السفن إثباتاً على أن لديها "تأمين المسؤولية"، بين متطلبات أخرى، قبل أن تتمكن من دخول الميناء أو إجراء أي تعامل تجاري. 

وتعتبر American Club واحدة من 12 شركة تأمين رئيسية من نوعها، وهي الوحيدة التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، وبسبب أهمية شركات التأمين هذه، استشارتها الحكومة الأميركية عند وضع عقوبات على مبيعات النفط الروسية. 

وقال دانيال تادروس، مدير العمليات الرئيسي في الشركة، إن شركته تمتلك واحدة من أكثر برامج الامتثال صرامة. 

وأضاف أن الحكومة الأميركية اقترحت أخيراً استخدام صور الأقمار الاصطناعية للشركات ذات الصلة بالبحرية التي تبحث عن التهرب من العقوبات. وتُستخدم صور الأقمار الاصطناعية كأداة لتتبع السفن في الصناعة منذ عقد على الأقل. 

ويمكن لمالكي السفن الراغبين في الالتفاف على القيود التجارية أن يجنوا أكثر من عمولاتهم العادية، ولكن للحفاظ على العلاقات التجارية مع الغرب، بما في ذلك مع شركات التأمين، ربما يلجأون إلى استخدام تكتيكات خداع. 

ومنذ بداية عام 2023، نقلت السفن الـ 27 ما يقرب من 59 مليون برميل من النفط، وفقاً لتحليل أجرته الصحيفة.

ويعتمد هذا الحساب على عمق الناقلة في الماء قبل وبعد تحميل النفط، وهو قياس يستخدمه محللو الصناعة. 

ولا يوجد مصدر رسمي يحدد كمية النفط التي تغادر إيران، لكن وفقاً لتقديرات شركة "كبلر"، وهي شركة تراقب التجارة العالمية، فإن النفط الذي تحمله الناقلات يصل إلى حوالي 9% من صادرات النفط الإيرانية خلال تلك الفترة. 

وانتهى المطاف بالعديد من الناقلات في الصين، التي ضاعفت وارداتها من النفط الإيراني 3 مرات خلال العامين الماضيين. 

واستمرت بعض الشحنات حتى الخريف، إذ نقلت السفن كميات من النفط الخام، بناء على أدنى أسعار النفط الإيراني الواردة في عام 2023. 

كما وجدت "نيويورك تايمز"، أن بعض الناقلات تغير المظهر المادي، وتنشر قماشاً أحمر على السطح الأخضر لإحدى السفن في محاولة واضحة للتنكر من الأقمار الاصطناعية. 

وفي بعض الحالات، تنفذ الناقلات أيضاً عمليات نقل من سفينة إلى أخرى، وتبادل البضائع مع سفينة أخرى في البحر، وهذه الممارسة شائعة، ولكن يمكن استخدامها لإخفاء أصل الشحنة.

وكثيراً ما حدثت عمليات نقل من سفينة إلى أخرى بالقرب من إيران قبالة الساحل، كما حدث في أكتوبر الماضي، عندما حملت الناقلة Shalimar النفط.

تصنيفات

قصص قد تهمك