تقدمت النائبة صبورة السيد، عضو مجلس النواب المصري، بطلب إحاطة لرئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، تطالب فيه بحظر بث منصة "نتفليكس" في مصر، وذلك على خلفية الإعلان الترويجي للفيلم الوثائقي "Queen Cleopatra" المقرر إذاعته على المنصة الرقمية 9 مايو المقبل.
وأثارت منصة نتفليكس جدلاً واسعاً خلال الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع الإعلان عن السلسلة الوثائقية الجديد عن الملكة كليوباترا، وهو العمل الذي أحدث تبايناً كبيراً في آراء الجمهور، بسبب ظهور الملكة كليوباترا ببشرة سمراء، على اعتبار أنها من ذوي الأصول الإفريقية.
وأوضحت صبورة لـ"الشرق"، أن "الطلب سيُحال إلى اللجنة المختصة، ثم استدعاء المسؤولين"، معتبرة أن "تلك الواقعة بمثابة محاولة لسرقة وتشويه التاريخ، إذ هناك مخططات كبرى تسعى للنيل من الدولة المصرية وهدمها وسرقتها".
وأشارت إلى أن ترويج نتفليكس لكليوباترا كملكة من ذوات الأصول الإفريقية يغذي أفكار حركة "الأفروسنتريك"، التي تتبنى فكرة أن جميع حضارات العالم كانت تضم ذوي الأصول الإفريقية قبل تشتتهم، مشددة على أن الفيلم يحاول تغيير تاريخ مصر القديم ويزوّر المعطيات التاريخية الثابتة.
وتساءلت بقولها: "إذا لم يكن تزييفاً للتاريخ.. لماذا تظهر كليوباترا في عمل فني ببشرة سمراء وهي ليست كذلك؟.. بالتاكيد الهدف واضح وهو مخاطبة الأجيال الجديدة التي لا تقرأ التاريخ ومحاولة تغييبهم واعطائهم معلومات خاطئة".
وشددت على أن "حرية الإبداع لا تعني على الإطلاق تقديم أعمال فنية تاريخية بمعلومات مغلوطة لخدمة جهات محددة، وهذا دورنا كنواب التصدي لتلك المحاولات المشبوهة".
وناشدت بضرورة تحرك الجهات الرسمية بالدولة وفي مقدمتها وزارة الثقافة، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد القائمين على هذا العمل وإدارة المنصة، وذلك من منطلق الحفاظ على الهوية الوطنية من محاولات الطمس والتشويه".
وأطلق البعض بيان تحمل توقيع أكثر من 70 ألف شخص، عبر منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بضرورة منع عرض الفيلم، معتبرين أنه "يزوّر التاريخ".
أصول يونانية
ومن جانبه قال وزير الآثار المصري الأسبق زاهي حواس لـ"الشرق": "أنا أعترض بشدة على محاولة تقديم معلومات مغلوطة، ما تروج له "نتفليكس" عن الملكة كليوباترا خاطئ لأن الملكة لم تكن من ذوي الأصول الإفريقية، ولكن ترجع أصولها إلي اليونان، وذلك طبقاً للموجود في المعابد ، وإذا شاهدنا تماثيل وأشكال أبيها وأخيها فلن نجد أي دليل يؤيد الإدعاء بأنها من ذوي الأصول الإفريقية، لأنها مثل الأمراء والملوك المقدونيات".
ومن جهته، رأى عالم المصريات الدكتور وسيم السيسي، أن "هذا الفيلم مخطط يحمل أهداف سياسية، وهو طرد اليهود ذوي الأصول الإفريقية من أوروبا و أميركا إلى مصر".
وتابع السيسي، لـ"الشرق"، "يريدون إقناع اليهود ذوي الأصول الإفريقية أن أجدادهم هم أصحاب الحضارة المصرية، وأن الموجودين في مصر حالياً هم أبناء الغزاة من عرب وأخشيديين وغيرهم، ولكن من سوء حظهم أن الأبحاث العلمية أثبتت أن ما يزيد عن 86% من المصريين يحملون جينات توت عنخ آمون".
ولفت إلى أن دول الغرب نفسها اعترفت أن كليوباترا مصرية، وجرى تناول ذلك في أعمالهم الفنية باعتبارها حقيقة مطلقة، منها مسرحية ويليام شكسبير، وفيلم آخر لاليزابيث تايلور في الستينيات.
وشدد السيسي على ضرورة الانتباه واليقظة تجاه هذه المخططات، التي تسعى جاهدة لتحقيق أهدافها وتزييف وعي الأجيال الجديدة تجاه التاريخ والحضارة المصرية.
تضخيم الأمور
أما الناقدة علا الشافعي، فاستنكرت فكرة المطالبة بمنع عرض الفيلم، كونه يحمل أفكاراً مشوهة للتاريخ المصري، قائلة لـ"الشرق، إنّ: "فكرة حجب منصة أو أي وسيلة عرض، أمر عفا عليه الزمن، لأن الجمهور سيتحايل على الموقف والبحث عن وسائل أخرى ويُشاهدها"، واصفة ما يحدث تجاه أزمة فيلم كليوباترا، بـ"تضخيم الأمور وإعطاءها أكبر من حجمها".
وأشارت إلى أن هناك أفلاماً يُثار حولها ضجة كبيرة، وتخرج مطالبات بمنعها من العرض، مثل فيلم "الخروج"، قائلة: "شاهدنا الفيلم بعدما مُنع من العرض، واكتشفنا أنه ضعيف فنياً، وبالتالي نحن نصنع ضجة بلا داعي، ويجب التعامل مع الفيلم المثار حوله أزمة حالياً باعتباره عمل فني فقط".
وقالت إن هناك عدداً من الأعمال الفنية التي جسدت كليوباترا على الشاشة، منها مسلسل لعبت بطولته الفنانة سلاف فواخرجي، قائلة إن: "المسلسل لم يحقق أي ردود فعل، وذلك بجانب وجود عشرات الأعمال التي أساءت الحضارة المصرية لكنها لم تؤثر إطلاقاً".
وتابعت "إذا كنا نريد رد على نتفليكس، يجب علينا صناعة عمل فني قوي واحترافي، يحمل الحقائق للرد على ما يحمله الفيلم الوثائقي المقرر عرضه قريباً على المنصة".
اقرأ أيضاً: